“انسوا هيروسترات” مسرح عالمي يحكم بالإعـ.ـدام لمن حرق المعبد لتخليد اسمه في التاريخ.

الجماهير_ أنطوان بصمه جي
احتضن مسرح دار الكتب الوطنية العمل المسرحي ” انسوا هيروسترات” الذي نظمته مديرية المسارح والموسيقا مسرح حلب القومي، العرض المسرحي من تأليف الكاتب الروسي غريغوري غورين” وتعاون فني حكمت نادر عقاد، ومن إخراج مروان غريواتي.
تدور أحداث المسرحية في مدينة أيفيس الإغريقية في القرن الرابع قبل الميلاد، ويتناول العرض قصة تاجر يدعى “هيروسترات” يقوم بإحـــ.ــراق معبد “ارتيمادا” ليحقق الشهرة وبغية حفر اسمه في التاريخ آنذاك، فيحكم عليه بالإعدام قاضي المدينة، ولكن الفساد لم يسمح للعدل بأن يأخذ مجراه الحقيقي، فالقوة والمال يصبحان تحت تصرف هذا التاجر من داخل السجن وباستخدام ذكائه.
وحيكت مؤامرات وصفقات عديدة بين “هيروسترات” وبين باقي شخصيات المسرحية ابتداءً من السجان الذي طمع بتحصيل المال، وكذلك زوجة الأمير طمعاً منها بتحقيق المجد والشهرة، وانتهاء بالأمير حاكم مدينة إيفيس طمعاً منه في البقاء في الحكم والحفاظ على كرسيه.
افتتح العرض بمشهد يتم التحقيق فيه مع “هيروسترات” في تهمة حرق المعبد الذي يعتبر رمزاً من رموز المدينة ومن عجائب الدنيا، “هيروسترات” الرجل المفتون بذاته الذي أحــ.ـرق المعبد الإغريقي يصبح في النهاية حديث المدينة وليدخل الأهالي في صراع من أجل حريته أو من أجل إدانته.
فأصدر حكام الدولة الإغريقية القديمة أمراً يحرم ويمنع ذكر اسم الحارق، ويكون الحكم عليه بالإهمال والنسيان، ومن هنا جاء اسم المسرحية “انسوا هيروسترات”.
ويجري حوار طويل بين “هيروسترات” والسجان الذي قدم شخصية مركبة بين الجد والهزل وبخاصة حين عاد من الحانة سكران، فأخذ يهذي بعد أن رشاه حارق المعبد وطلب منه بعثرة النقود على زبائن الحانة وأن يشرب معهم “نخب هيروسترات”.
يقول بطل المسرحية “اليوم يلعنني الناس وغداً يحبونني لأنني تحديتُ الآلهة”، ويبيع مذكراته إلى والد زوجته الغني مقابل 500 دراخمة (عملة من الفضة) لكن الأميرة لا تقتنع بأنه أحرق المعبد لذات الفعل، وتتساءل إن كان ثمة قصة حب فاشلة في حياته. أي إنها تشم رائحة الأنثى ربما بحكم غريزتها. وسرعان ما يقودها الفضول إلى زنزانته وتحاوره حتى يضللها عاطفياً ويوهمها أنه يحبها ويطالبها بالحب ذاته، ليس لأنه يحبها بل من أجل أن يتخلد اسمه وتحديداً حين يعترف أمام الناس يوم إعدامه بأنه على علاقة مع الأميرة.
لكن الآلهة ترفض ذلك،  ومسحاً للعار يقتل الأمير السجان الذي يعد الشاهد على قصة الحب، وبذلك يتم عزل القاضي الذي يدين الأميرة العاشقة وتنتهي المسرحية بقتل”هيروسترات” من قبل القاضي، وبذلك يحافظ الأمير وزوجته على الحكم، وتتآمر السلطة الدينية مع السلطة الدنيوية وأيضاً سلطة المرأة على حارق المعبد من أجل مسح الذاكرة الشعبية أو اغتيالها.
مديرة مسرح حلب القومي رنا ملكي بينت أن العمل هو برعاية وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح، وتم اختيار العرض من خلال الخطة بتنويع الأعمال المسرحية لأن الجمهور المتلقي يمتلك خبرات متنوعة، فتم اختيار نوع من ناحية الفكرة والعمل المقدم وتنويع التأليف لكاتب محلي أم مسرح عالمي، الأمر الذي يتطلب بذل جهود مضاعفة لإتقان الأدوار المسرحية، وأن العمل يتضمن إسقاطات بين الخير والشر والصراع المستمر بينهما ونقلها للمتلقي من خلال رؤية بصرية وسمعية عديدة مع ترك الإسقاطات للجمهور لفهم معاني المسرحية وغاياتها.
وأوضح مخرج العمل مروان غريواتي أن الهدف الرئيس من عرض المسرح العالمي التأكيد على الرسائل العديدة التي تضمنها العرض وأن الشر إذا لم يقطع من جذوره ينمو ككرة الثلج، ويضيف المخرج “ما أشبه هذا العرض القديم والحادثة التاريخية بما يحدث اليوم، مع وجود أوغاد يحاولون الوصول إلى سدة الحكم ويصلون في نهاية المطاف وهم دواعش اليوم” وبالتالي على المجتمع استئصالهم من جذورهم قبل فوات الأوان.
وأضاف مخرج العمل أن التحضيرات الأولية استغرقت ما يقارب الشهر ونصف الشهر، كاشفاً ضعف الإمكانات اللوجستية في المسرح خصوصاً الإضاءة مع عدم توفر “الفلاشر” واللجوء إلى عملية تدوير الملابس لتناسب الحقبة التاريخية وتعديل بعض الأدوات الداخلة في الديكور المسرحي لتناسب المشهد وليتعايش معه الجمهور.
تصوير: جورج أورفليان
قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار