|محمود جنيد
يصبح المسير بعد منتصف الليل على عماها؛ ظلام دامس في الكثير من الشوارع الرئيسية والفرعية بالمدينة نظراً لتعطل مصادر الإنارة العمومية أو عدم وجودها، الأمر الذي تنطوي عليه المخاطر من النشاط المشبوه لشذاذ الآفاق، أو التعثر بالحفر والإشغالات المخالفة وما أكثرها في الشوارع وعلى الأرصفة، الأمر الذي يحتاج إلى تركيز الاهتمام على تركيب وصيانة الانارة العمومية وتغيير التالف من المصابيح لتوضيح الرؤية الليلية.
في الطريق المؤدي من الانصاري الشرقي باتجاه صلاح الدين مروراً بالشوارع الفرعية لحي المشهد، برزت تلك الملاحظة، وكانت مناسبة للتطرق لهذا الأمر المهم، حتى ضوء الهاتف الجوال لم يف بالغرض عندما اصطدمنا قرابة وقت الفجر أول أمس بشخص عابر، بموقف محرج أصاب الطرفين بالذعر، وبدلاً من أن نلعن الظلام صببنا جام عتبنا على المعني بإهمال جانب الانارة العمومية.!
تابعنا طريقنا نتحسس الهواء منعاً لاصطدام آخر، لينجلي لنا مصدر ضوء منبعث من مخبز يصطف في طابوره الطويل خليط من النساء والرجال؛ يكاد صوت ارتجافهم و اصطكاك أسنانهم مسموعاً من البرد، وهم ينتظرون دورهم في نيل مخصصات الخبز بعد الرابعة فجراً؛ الموقف الذي يعبر عن مشقة الحصول على الرغيف المعجون بالبرد و المخمر بالظلام!!
على بعد أمتار من المخبز، تراءى لنا شبح أسود ينشد النجدة؛ سيدة مسنة تتأبط خبزها، بدا الخوف من نبرة صوتها، وسألتني إن كنت أعلم موقع الكلاب الضالة التي شق صوتها المرعب حاجز الصمت يملأ الارجاء؛ لا يعرف المرء من أين ممكن أن تظهر له، وأعربت عن حيرتها كيف ستصل بيتها، لتعود أدراجها الى الفرن مفضلة أن تنتظر جارتها و تستعين بها في طريق العودة المخيف!
ومن جانبنا تابعنا المسير العسير، بلا خبز .. نتوجس الكلاب الضالة؛ تحت جنح الظلام.. فوق الحفر المترامية!
»»»»»
تابع قناة صحيفة الجماهير في واتساب: