عبد الكريم عبيد
من يقرأ تاريخ المناضل الأممي نيلسون مانديلا وتاريخه العريق ومقاومته سياسة الآبار تايد والفصل العنصري التي كانت متبعة من قبل سلطات جنوب افريقيا آنذاك يفهم وبشكل جلي الخطوة الجريئة التي أقدمت عليها جنوب أفريقيا في إقامة دعوى قضائية ضد الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية لارتكابه إبادة جماعية بحق الشعب العربي الفلسطيني الأعزل الذي يصارع أعتى الطغاة البرابرة في العصر الحديث وبصدور عارية في سبيل انتزاع حقه التاريخي في أرضه ….أرض الديانات السماوية والرسل .
من يقرأ تاريخ مانديلا يفهم جيداً أن هذا الشعب الحر الأبيَّ لايزال يتذكر مرارة التعذيب والجرائم التي كانت تُرتكَب بحقه من ذوي العرق الأبيض الذين يصنفون أنفسهم على أنهم من السلالة النقية في حين الأفارقة الأخرين من العرق الأسود يصنفون من الفئات الأخرى وبالتالي يجب عليهم أن يخضعوا لهم في كل تصرفاتهم لا بل حتى إن أدى ذلك إلى الطرد والنفي والتعذيب حتى الموت .
هذه اللفتة الإنسانية العميقة التي وقف لها كل أحرار العالم في تقدير واحترام وبخاصة في تلك المرافعات التي جاءت على لسان المحامين الافارقة الذين ترافعوا أمام محكمة العدل الدولية وهم يتحدثون بلسان فلسطين وكل الشعوب التي تتعرض للتعذيب والإبادة الجماعية على يد أدعياء الحرية والديمقراطية الكاذبة التي يختبئ وراءها الغرب وامريكا الذين يرعون الإرهاب ويسعون إلى نشر أفكاره في منطقتنا العربية والعالم من القاعدة إلى داعش إلى جبهة النصرة إلى شتى أنواع المجموعات الإرهابية التي تقتل الشعب السوري والعراقي والفلسطيني واللبناني مستخدمة في ذلك شتى أصناف الأسلحة الغربية المتطورة المصنعة في أمريكا وفرنسا وبريطانيا والمانية وسواها…..
ألم تقل وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك هيلاري كلينتون أن أمريكا هي من أوجدت داعش والنصرة وسواها ودربتها ومولتها بالأسلحة والأموال للفتك بالعرب وتقسيم الوطن العربي إلى مزيد من الدويلات على أساس عرقي وطائفي وأثني كي يتحول العرب إلى عشائر وقبائل متناحرة يقتل بعضهم بعضاً ؟؟
أليس هذا هدفهم …. وهذه خططهم التي نلمسها ونراها الآن في كل مكان ننظر إليه؟؟
هذا التآمر والنزعة العنصرية المتأصلة في تفكير الغرب وتحديداً أمريكا والصهاينة وقف ضدها وبقوة أحفاد المناضل الكبير نيلسون مانديلا ليقول للعالم إذا مات ضميركم وتحولت إنسانيتكم إلى ضرب من ضروب التوحش فإن الشعب الجنوب أفريقي لا يزال يتمسك بإنسانيته وتاريخه العريق الذي دفعه لاتخاذ موقف مشّرف مناصر لفلسطين في الوقت الذي يتآمر عليها العالم من خلال صمته المطبق وتجاهل الهيئات الأممية والدولية ومجلس الأمن .
هذه المجازر التي ترتكب بحق الشعب العربي الفلسطيني الذي يسطر بطولات في الصمود التي لا بد وأن تنتصر بإرادة هذا الشعب الذي يكتب نصره بدمه .