الأمان الاقتصادي لجذب الاستثمار

بقلم محمد الشيخ …

“بعد أن تتوقف أصوات المدافع يجب الإسراع بتشغيل المصانع “، تلك المقولة تنطبق على المسار  المطلوب اتباعه من قبل الدول التي وضعت الحرب أوزارها فيها ، مخلِّفة الكثير من المآسي والويلات والكوارث .

وتطبيقاً لهذا المبدأ فإن الدولة السورية الجديدة -التي ورثت عن النظام الفاسد البائد تركة اقتصادية  ثقيلة أشبه بالركام والأنقاض – قد وضعت هدفاً طموحاً وعظيماً لها وهو ( مكافحة الفقر ) ، حيث اتخذت خطوات ملموسة وقرارات مهمة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية في شتى الميادين الصناعية والزراعية والسياحية والتجارية والخدمية.

لا شك أن أولها وأكثرها إلحاحاً وضرورة وتأسيساً لما بعده هو بسط الأمن والاستقرار ، والضرب بيد من فولاذ في مواجهة حركات التمرد والخارجة على القانون ،  ومحاولات العبث  بوحدة النسيج الوطني .

أضف إلى ذلك  المنح والزيادات الدورية الجيدة لرواتب العاملين والمتقاعدين ، وعقود توريد الكهرباء والغاز ، والأنشطة والفعاليات التي تمت إقامتها من معارض ( بليدكس – فود إكسبور ) بمشاركة مئات الشركات المحلية والخارجية ، ومؤتمرات ولقاءات نوعية كمؤتمر ( كارلتون الاستثماري الأول في محافظة إدلب ) الذي بحث فرص إقامة مشاريع الاستثمار السياحي الطبيعي والأثري والطبي والعلاجي في عدد من المواقع المتميزة ،  وليس آخراً اجتماع وزير الاقتصاد والصناعة مع التجار والصناعيين والحرفيين في حلب والذي تم خلاله مناقشة عدة محاور ، وتقديم توصيات  شملت تقديم حوافز للمستثمرين من إعفاءات ضريبية وقروض ميسرة وتسهيلات جمركية ، وإعادة إحياء الصناعات التقليدية والحديثة ، ودعم التصدير ، وربط المنتج بالأسواق، ومكافحة احتكار الأسعار، وضبط  أسعار الإيجارات ، ومراقبة سوق العقارات لوضع حد للجشع  ، ودعم مشاريع الطاقة المتجددة .

ومن الأهمية بمكان في هذا الشأن الإسراع بإقامة ملتقى عالمي في سورية للمستثمرين السوريين والعرب والأجانب ، وتنشيط دور السفارات والبعثات الديبلوماسية السورية في مختلف دول العالم .

ومن الإجراءات المطلوبة أيضاً  لتحقيق الأمان الاقتصادي توفير حوامل الطاقة وخاصة الكهرباء بأسعار مدعومة للمساعدة في إنتاج سلع منافسة في الأسواق ، وإيجاد بيئة تشريعية وقضائية مناسبة لجذب الاستثمارات ، وحل النزاعات في حال حدوثها.

وهذا يقودنا إلى الحديث عن نظام الاستثمار في المدن الصناعية الذي صدر منذ عدة أيام عن وزارة الاقتصاد والصناعة ، حيث ركَّز على أهمية تعزيز البيئة الجاذبة للاستثمار الصناعي، وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي ، ونقل وتوطين التكنولوجيا والمعرفة الصناعية ، وتكافؤ الفرص بين المستثمرين ، واعتماد آليات واضحة وعلنية في التخصيص والتعاقد والرقابة ، والالتزام بالمعايير البيئية المحلية والعالمية ، وتبسيط الإجراءات الإدارية ، وتشجيع مشروعات تسهم في تنمية المجتمعات المحلية.

كما تناول نظام الاستثمار مختلف الجوانب المتعلقة بالاستثمار الصناعي من نواحي تحديد الأهداف ، والمبادئ العامة ، وكيفية تحديد سعر مبيع المتر المربع الواحد من المقاسم، وآلية الاستثمار وفق معايير فنية واقتصادية وتشغيلية بما يتوافق مع الأولويات الوطنية من قبيل ترخيص صناعات نوعية غير موجودة في سورية ، وإدخال التكنولوجيا والابتكار ، واستخدام المواد الأولية المحلية ، وتدريب وتشغيل الكوادر المحلية ، إضافة إلى تنظيم كيفية التمليك والإيجار طويل الأجل ، والشراكة بين القطاعين العام والخاص ، واستثمار المقاسم المعدة للاستعمالات والاستثمارات الخاصة ، والمعدة للسكن أو الصناعات الحرفية المكملة للمنشآت الصناعية ، والاستثمار في مجالات الطاقة البديلة ، ناهيك عن حقوق والتزامات المستثمر ، والتسهيلات الممنوحة له ، وآلية حل النزاعات ، ومخالفات المستثمر.

إن تضافر جهود سائر الجهات المعنية سيجعل من سورية في القريب العاجل مركز جذب واستقطاب للاستثمارات المتنوعة من داخل وخارج القطر ، مما يؤدي إلى تسريع دوران عجلة التنمية الاقتصادية ، وتحسين مستوى المعيشة ، وزيادة مستوى  النمو ، وتعزيز حالة الاستقرار والطمأنينة ، وتقوية وتمتين النسيج الوطني.