الجماهير / طارق بصمه جي
* أين أولئك المخولون بفرض غرامات رادعة بحق المعرِضين عن وضع الكمامة ..؟! هل هم من هذا الكوكب أم خارجه؟!! *
* صراخ يعكّر صفو المخالفين ؟
” كبسة كبسة.. شيلوا الأراكيل ” ؟!!
“ما في كورونا..!! ” ، عبارةٌ شهيرة تصدّرت المشهد الأهلي ، وباتت تتردد على مسامعنا باستمرار، وسط مؤثرات صوتية استعراضية، يقولها القائل وكأنه “أفلاطون” الذي أسس الفلسفة، أو “ابن سينا” الذي أوجد التخدير !! ،
وفي رواية شهيرة أخرى.. ” نحن الكورونا بتهرب منا !! ” ، هذه الجواب الذي يأتي بعد سؤال عتابي يطرحه الناقد على المخالف ، ليظهر الأخير أمامه وكأنه عنوان للرجولة ، على شكل “فارس” يمتطي صهوة جوادٍ بلا جِماح..!!
للأسف الموضوع ليس كذلك.. فالإصابات العالمية بفايروس كورونا تزداد يوماً بعد يوم .. !! ، و قرارات العديد من دول الجوار تصبح أكثر صرامةً وتشديداً ، حتى وصلت مؤخراً في لبنان إلى حظر التجوال التام مقرونا بإقفالٍ كلّي للبلاد على مدار 24 ساعة! ، فإلى متى سيبقى الاستهتار سيد الموقف في سورية؟!!
جهود ملحوظة للحكومة التي أقرت توصيات واشتراطات عديدة وأعطت صلاحيات للمحافظين للحد من انتشار الفايروس الحالي covid 19 ، ودرء احتمالية انتشار السلالة الجديدة في سورية ، كان آخرها تعميم محافظ حلب مؤخراً ، بتاريخ 24 كانون الأول عام 2020 ، الذي شدّد فيه مشكوراً على ضرورة ارتداء الكِمامة ضمن وسائط النقل و الدوائر العامة ، إضافةً لتأكيده على الالتزام بتعميم وزارة السياحية الأخير القاضي بمنع تقديم النرجيلة منعاً باتاً ، مع التأكيد على ضرورة عدم إشغال المكان السياحي بنسبة تتجاوز الـ 50%
( أزمة وعي.. ؟!! )
لربما تعد حلب إحدى أكثر المحافظات السورية التزاماً بإجراءات الوقاية من الفايروس، إنما في الفترة الأخيرة بتنا نشهد عدم التزام من المواطنين ، يترافق ذلك مع عدم تقيدهم بأبسط التعلميات الوقائية الحكومية ، فعلى الرغم من أن الكِمامة التي قد يستعملها البعض لعدة مرات هي رمزيّة الثمن ، إلا أنها تسهم بشكل مقبول بالحدّ من انتقال الفايروس إلى كبار السن المتواجدين ضمن وسائط النقل المغلقة والمكتظة..! ، وذلك من واجب إنساني وديني تطبيقاً لمبدأ ( إذا ما بتخاف على حالك، خاف على غيرك ..!!) .
(200% إشغال.. والنرجيلة سيدة المشهد)
أثناء رصدي لبث مباشر قامت به إحدى صفحات التواصل الإجتماعي في إحدى مطاعم حلب المستثمَرة ، لاحظت انفلاتاً صحياً لا يُصدق ..!! ( صور + فيديو) ، تلك المشاهد أظهرت اكتظاظاً بشريا غير مسبوق في ذلك المطعم ، ناهيك عن قرع الطبول أمام سحب كبيرة من الدخان الداخلي المتصاعد من أفواه عشرات مدخني السجائر والنراجيل..!! ، في مشهد غريب لربما يوحى زوراً ، أن الأزمة الصحية قد انتهت منذ سنوات ، بعد أن عُلّقت مشنقة ” الكورونا ” في إحدى الساحات العامة..!!
من جانب آخر، و مما لا شكل فيه أن الإجراءات الاحترازية قد تسببت بنكماشٍ اقتصاديّ وبطء في عجلة الحياة، إلا أننا ما زلنا نستطيع أن نقيم حفلات بشكل يومي مع إشغال لا يتجاوز النسبة المسموحة 50% ، فلماذا يطغى كل هذا الطمع والجشع من المستثمرين والتجار على حساب حياة الآخرين؟!!
( خردوات ملفوفة .. و فطائر مكشوفة ..؟؟! )
خلال جولة بسيطة قمت بها على بعض المحال التجارية وسط مدينة حلب، لفت نظري الوعي المميز عند شريحة ضئيلة من التجار ، أولئك الذين قاموا بوضع ستار بلاستيكي شفاف يفصل بين الزبون والبائع، وذلك لمنع انتشار الفيروسات أثناء كلام الزبون ، مع وجود فتحة صغيرة أسفل الستار مخصصة لاستلام النقود ، تلك الطريقة الحضارية لربما بات من الضروري وجودها في كل محل تجاري، وبالأخص محال بيع المواد الغذائية، والوجبات السريعة ، لأنه ومع الأسف بتنا نرى معظم بائعي الفطائر يضعون نتاجهم اليومي الطازج في “رف” علوي إضافي!! ، على مقربة من أفواه الزبائن الواقفين مما يجعل لعابهم المتطاير ينتشر ويلامس جميع الفطائر الطازجة قبل وصولها إلى المشتري التالي.!! ، ناهيك أن معظم العمال في تلك المحال لا يضعون الكِمامة ، لذا بات من حقنا أن نتساءل ، أين هو دور جهات الرقابة الصحية في منع تلك التجاوزات المتكررة والمقززة والمُقرفة ..؟!! ،
( ” كبسة كبسة..شيلوا الأراكيل.. !!” )
في مشهد دارمي، وكأنه أشبه بمسلسل كوميدي شهير..!! ، يخرج مدير صالة أحد المقاهي بحلب، على جمهوره من الزبائن، ويصرخ قائلاً، “ياجماعة دخيلكم، خبروني الشباب قال جايين بعد 5 دقائق ” ، ليبدأ ” سباق الماراثون الدولي ” ، في محاولة سريعة لتهوية جو المقهى، وإخفاء معالم ” الأراكيل ” المنتشرة بكثافة..!! .
( الكِمامات الشكلية .. على الأبواب!! )
خلال زيارة قمت بها لعدد من الدوائر الحكومية ، لاحظت تراخٍ غير مقبول في وضع الكمامات داخل تلك الأبنية الحكومية، وكأن مدراءها يضربون بعرض الحائط التوصيات الحكومية عالية المستوى.!!, ويكتفون بتكليف موظف يراقب الباب الخارجي للمنشأة فقط..
لذا بات من حقنا أن نتساءل هل فرض ارتداء الكِمامة يقتصر على الباب الخارجي فقط.. ؟؟ ، أم في الداخل أيضاً..؟!! ،
لكون الهدف الحقيقي من التوجيهات الحكومية هو حماية الأمن الصحي ، والحرص على سلامة المراجعين داخل المنشأت العامة.
ليبقى السؤال الأبرز في نهاية المطاف …
من هم المخولون بفرض غرامات رادعة بحق المعرضين عن وضع الكمامة ..؟! هل هم من هذا الكوكب أم خارجه؟!! .
ومتى سنرى تدخلاً سريعاً من الجهات الرقابية المختصة لأخذ دورها الوطني ، بفرض عقوبات صارمة على كل من لا يرتدي الكِمامة ضمن الأماكن المكتظّة ، أم أن تلك التعاميم والتوصيات الحكومية الهامة ستبقى حبراً على ورق..! ، دون أي التزام بها ، أو حتى أدنى احترامٍ لها !! .
رقم العدد ١٦٢٩٠