الجماهير / ياسمين درويش
تفوح رائحة الأصالة من حلب القديمة، من أزقتها وبواباتها ومساجدها وقناطرها، فهي تحكي قصة عراقة حلب عبر العصور.
فتنت حلب القديمة المستشرقين فألفوا عنها الكتب، ورسموا لجمالها اللوحات، وتم تسجيل حلب القديمة على لائحة التراث العالمي عام ١٩٨٦م.
واليوم تتضافر الجهود من عدة جهات رسمية وأهلية لإعادة الألق والسحر لحلب القديمة من خلال الاهتمام بالكسوة الخشبية والهياكل الحجرية للمباني القديمة.
والسؤال الذي يتبادر لأذهاننا ماهي الكسوة الخشبية الداخلة في البنية الإنشائية للمباني القديمة؟ وكيف يتم ترميمها للحفاظ عليها؟
المهندس والباحث محمود سيكت عضو لجنة التراث في نقابة المهندسين ويعمل في مجال الترميم يوضح نوعي الكسوة الخشبية مشيراً الى أن هناك الأخشاب الوظيفية كالأكشاك والأسقف الخارجية، والنوع الثاني هي الخشبيات التزيينية كالكسوة الخشبية الداخلية .
و الأكشاك عادة محملة على أظفار حجرية (بلكون) مدعمة بالدعامات الخشبية وتكسى بالكسوة الخشبية وتكون عادة من طبقتين من خشب الطنوب وبينهما حشوة، ويزرق الوجه الداخلي للكشك بالزريقه الكلسية.
وظلت هذه الطريقة متبعة حتى مطلع القرن العشرين حيث أدخلت البروفيلات المعدنية كعناصر لتحميل الأكشاك.
وحين أعيد ترميم الأكشاك في عصرنا الحاضر تم الحفاظ على الشكل المعماري نفسه باستخدام خشب الحور وإدخال مواد خفيفة لأن الكسوة الخشبية بالكامل مكلفة جدا وذات تكاليف باهظة لا يمكن للمرمم أن يتحملها إضافة لعدم توفر بعض المواد بالسوق المحلي.
ويضيف الباحث سيكت : أما الأسقف الخشبية الخارجية فكانت تصنع من خشب الطنوب وهو خشب كان يتم استيراده آنذاك من شرق آسيا، ويتميز بقدرته العالية على تحمل إجهادات الشد والمقاومة فيشبه بذلك حديد التسليح.
ولكن خشب الطنوب استبدل بخشب الحور الأقل قدرة على تحمل الاجهادات، وتم الاستبدال بسبب شح خشب الطنوب عالميا، وبالتالي صعوبة الحصول عليه في حلب.
وهذا الاستبدال يساعدنا على إعادة بناء تراثنا كما كان والتعويض عن أخشاب الطنوب بخشب للحور في الأسقف التراثية الأفقية مع تدعيمها بعدسه ميول بيتونية مسلحه تسليحا خفيفاً للتعويض عن فقدان خشب الطنوب المقاوم للأحمال.
أما عن الكسوة الخشبية الداخلية فقد حدثنا المهندس سيكت أنها كسوة تزيينية للدلالة على الثراء والترف وتسمى بالعجمي، وتنتشر في العديد من أحياء حلب القديمة كجب قرمان وباب قنسرين والجلوم.
والكسوة الخشبية الداخلية تكون في الأسقف الداخلية وأبواب الخزانات وهي غنية بالرسومات النباتية والأشكال الهندسية والكتابات المذهبة وملونة بأزهى الألوان وهي رمز للفن السوري الأصيل وأجملها في بيت أجقباش وبيت مؤيد وبيت غزالة.
وفي الختام أود أن أنوه إلى أننا جميعا نتحمل مسؤولية حماية تراث حلب القديمة لأنها رمز لأصالتنا وعراقتنا .
رقم العدد ١٦٣٢٤