الجماهير – عتاب ضويحي
بعض المواقف تختلط فيها مشاعرك لتكون مزيجا بين المفرح و المبكي.
في طريق عودتي من العمل دفعني الفضول أن أقف عند حشد من الناس تجمهر حول سيدة ستينية فاقدة للوعي عند ساحة سعد الله الجابري، كان من بين الحشد شاب أبى أن يتركها لحظة رغم عدم معرفته بها، إلى جانبه فتاتان أظهرتا الاهتمام بها، سألناها بعد أن عاد لها وعيها إن كانت تعاني من أمراض “سكر، ضغط” أعطتنا إيماءة “نعم” برأسها، لتغيب عن الوعي ثانية وتصدر أصواتاً أقرب للاحتضار، غرغرة، وارتجاف، وغياب كامل عن الوعي، أسعفها الشاب للمشفى ومعه الفتاتان، ليتفرق الحشد كل في طريق وفكرهم مشغول بحال تلك السيدة الوحيدة، وأسئلة تدور في الخلد هل من المحتمل أنها ماتت بالفعل؟ أم أن للقدر كلمة أخرى” الله أعلم”.!
ما يفرح أو بتعبير أقوى مايثلج الصدر في هذا الموقف المحزن لهفة الشباب لإنقاذ تلك السيدة، الخوف الذي بدا واضحاً على ملامحهم، تحملهم مسؤولية إسعافها رغم ماينتظرهم من سؤال واستجواب في المشفى.
ومايحزن أكثر أن تلك السيدة أظهرت وحدتها حقاً، ربما كان لها أناسها، لكنها بدت كشجرة سنديان محترقة من الداخل لكنها تقف مكابرة الألم، وتتوجع بصمت.
رقم العدد ١٦٣٣٥