الملف الاقتصادي ..المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر واقع وتحديات ” الجماهير ” تحاور الدكتور دواليبي مستشار الموارد البشرية وريادة الأعمال في جامعة حلب
الجماهير || وسام العلاش
في كل اقتصاديات العالم تعتبر المشاريع الصغيرة البنية والداعم الأساسي لبناء اقتصاد البلد، إذ يتم تأسيسها بجهد محلي وذاتي مقارنةً مع الاستثمارات الكبرى التي بحاجة لزمن طويل ورؤوس أموال كبيرة.
المشروعات الصغيرة في سورية وفي ظل الحصار الاقتصادي المفروض، هل كان هناك جهوداً لدعم هذه المشروعات؟ وهل تم الوصول فعلاً للفئات المستهدفة القادرة على إنجاح المشروع الصغير؟
وبما أن البيئة التشريعية والقانونية والتمويلية متاحة لأصحاب المشاريع الصغيرة فـأين يكمن التحدي؟ وكيف يمكن أن نحوّل فكر الشباب من فكر العمل الوظيفي نحو فكر الريادة وتأسيس المشروع الصغير ؟
واقع المشاريع الصغيرة:
” الجماهير ” حاورت الدكتور عبد القادر دواليبي مستشار الموارد البشرية وريادة الأعمال في جامعة حلب و أوضح أنه منذ عدة سنوات وحتى الآن هناك جهوداً كبيرة لدعم المشروعات الصغيرة إذ بدأت بتجارب فردية من قبل المنظمات الدولية لتتطور وتصبح برامج مدروسة بناءً على دراسات واقعية للسوق.
مضيفاً بأنه يوجد في المجتمع السوري عدة جهات تعمل لدعم المشروعات الصغيرة وتتمثل في الجهود الحكومية والمنظمات الدولية والقطاعات الاجتماعية والنقابات المعنية بتنظيم فئات المجتمع المتعددة، إضافةً إلى المحاولات الفردية من أصحاب المهن المحترفين والذين فقدوا سبل العيش، وفئة الشباب المقبلين على العمل إضافةً لفئة المرأة الفاقدة للمعيل.
كيف تتم آلية دعم المشاريع:
لكل فئة من الفئات المذكورة آلية خاصة ومناسبة لدعمها، حيث يتم دعم المحترفين الفاقدين لأدواتهم بفعل الحرب بتمويلهم بالأدوات والمعدات اللازمة لإعادة انطلاق مشروعاتهم، ويتم تدريب فئة الشباب على مهن معينة وهو ما يُشغل عليه حالياً ويعرف (التدريب المهني) ليتم تمويلهم بعد التدريب، كما تسير خطة عمل المشاريع الصغيرة ضمن خطان متوازيان بالنسبة لفئاته العاملة فيه بحسب ما صنفهم الدكتور دواليبي وهم فئة ذوو الخبرة حيث تبين أنهم من أكثر الفئات نجاحاً كونهم يمتلكون الخبرة، أما بالنسبة لفئة الشباب المتدرب حديثاً فقط يرى أنه من الصعب تمويل مشروعاتهم بسرعة دون اكتساب الخبرة اللازمة للعمل ولإدارة المشروع.
الخبرة والفكرة والإدارة…معايير النجاح:
ويشير الدكتور دواليبي إلى أن المشاريع الصغيرة لا تُؤسس بالعواطف وإنما هناك متطلبات أساسية لا تتوقف فقط على التمويل وإنما تحتاج إلى (الخبرة والفكرة – والإدارة والتسويق) وهذه السلسلة المترابطة تؤهل صاحب المشروع للبدء في تأسيس مشروعه ومن ثم تأتي دراسة المشروع وتمويله وكيفية تسويق منتجاته إلى أن يصبح مستداماً.
تنمية الفكر الريادي:
ويقترح الدكتور دواليبي الإتجاه نحو المسار الريادي والذي يندرج تحت بند ريادة الاعمال والتي تمتاز مشروعاتها بأنها ذات أفكار نوعية بعيدة عن السياق التقليدي مبيناً أن هناك تجارب في هذا المجال كمشروع (قفزة) المدعوم من قِبل منظمة الUNDP الموجه لخريجي كليات الهندسة حيث تم تقديم مشاريع نوعية كصناعة الأطراف الصناعية.
تعدد الخيارات…ليس فقط الخيار الوظيفي:
وفي ذات السياق يرى الدكتور دواليبي أن التحدي الأكبر للمشروع الصغير هو (التوعية) إذ يجب أن يكون هناك توعية على مستوى فئات الشباب نحو التربية الريادية والتفكير بتأسيس مشاريعهم الصغيرة وكيف يمكن أن نحول فكر الشباب من فكر الوظيفة نحو فكر ريادة الأعمال وتأسيس مشروعاتهم الصغيرة.
التشاركية وتظافر الجهود في دعم المشاريع الصغيرة:
ولمواجهة هذا التحدي يقترح الدكتور دواليبي أن تتعاون جميع القطاعات والجهات التي تتضمن أكبر تجمع لفئات الشباب المنتج كوزارة التربية ووزارة التعليم العالي من أجل إحداث مراكز توعوية وتدريبية للشباب المعوّل عليه في تأسيس هذه المشاريع باعتبارها مشاريع تنموية وليست إغاثية، فهدفها هو تنمية المجتمع واقتصاده المحلي.
قانون رقم /8/ ليس مجرد تمويل:
ويشير الدكتور دواليبي إلى أن الهدف من إصدار القانون رقم /8/ لإحداث مصارف التمويل الأصغر هو تمويل المشروعات الصغيرة المنتجة وهو يعتبر قانون (عصري) كونه لم يحصر خدماته فقط بالتمويل المالي وإنما أضاف لها خدمات غير مالية تتضمن أعمال استشارية وتدريب وإعداد دراسات الجدوى ومتابعة عملية الإدارة والتسويق، إذ يضمن القانون أن تقوم المصارف المعنية بتمويل المشاريع الصغيرة بعملية الدعم والتمويل بجميع مراحلها.
تحديات ما بعد إنشاء المشروع:
التحديات التسويقية والإدارية التي تواجه صاحب المشروع يمكن التغلب عليها كما أوضح الدكتور دواليبي بالخبرة، وأضاف أن ارتفاع أسعار المواد الأولية وملحقاتها لا تؤدي إلى فشل المشروع الصغير أو المتناهي الصغر، وذلك لأن صاحب المشروع المحترف يسعر منتجاته بناءً على حساب التكلفة وإضافة هامش الربح المناسب، وبالتالي فهو يأخذ قيمة منتجه سواء أكان خدمة أو سلعة من المستهلك، والمستهلك هو الوحيد الذي يتحمل عبء ارتفاع التكاليف المختلفة.
ويخلص الدكتور دواليبي إلى أن المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر تحتاج لتحمل رائد الأعمال لهامش بسيط من المخاطرة كون حجم تمويلها أصلاً ليس بالكبير، ويشدد على أهمية دراسة برامج التمويل وتنفيذها باحترافية، مضيفاً بأن الاقتصاد الوطني يتم دعمه من خلال تنشيط ودعم المشاريع الصغيرة.
ويرى أن يُطرح مفهوم جديد للتشاركية تتمثل بتضافر جهود المواطن والجهود الحكومية معاً، وإعطاء المشروعات الصغيرة أولوية في بناء الاقتصاد الوطني، مبيناً أن المؤهلات متوفرة من حيث الكوادر الفاعلة لكنها تحتاج لإدارة وتنسيق عن طريق الشراكة بين الأطراف جميعاً، منوهاً أن هناك دراسات تسعى إلى تنظيم عمل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وتحويلها من الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصاد الرسمي، موضحاً أن آلاف المشاريع التي تعمل ضمن اقتصاد الظل ستنخرط في الاقتصاد الرسمي
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام