سوق الحور

وفاء شربتجي

يقع سوق الحور ضمن المدينة القديمة في حلب .

بالقرب من سوق الحبال ،ويوازي سوق العتيق أو العتقيّة  نحو الغرب ، لأن إمتداده يتجه من الشرق إلى الغرب على استقامه واحدة بطول وقدره /٤٠/ متر تقريباً وعرض /٣.٣ / متر .

يبدأ سوق الحور بالقرب من سوق الحبال ، وينتهي عند مقهى الكميني .

وكان يُغلق مساءً من جهتيه .

يحوي السوق على /١٨/ محلاً تجارياً عريضاً بعض الشيء وقليل العمق ، تلك الخاصيّة  مكّنت البعض من أصحاب المحال إلى تقسيم محالهم بحاجز ليصبح المحل محلين ، وبذلك أصبح عدد المحال /٣٤/ محلاً .

وفي منتصف السوق إلى جهة الغرب ، يوجد باب يُعبَر من خلاله إلى سوق السقطيّة  ، فيصبح لهذا السوق ثلاثة أبواب للدخول من خلالهم أو الخروج .

 

يتصف سقف هذا السوق من بدايته القريبة من سوق الحبال وسوق العتقيّة حسب التسلسل ، بقبو سريري وأربعة عقود متقاطعة ، تليهم قبة تقع في الوسط تقريباً يليها ثلاثة عقود متقاطعة و قبو سريري .

سميّ بالحور لأن تجارته الرائجة قديماً كانت بيع الجلود الطبيعيّة كجلد الغنم والثيران والجمال وأهمها جلد الحور وهو جلد البقر المستخدم في صناعة الأحذية التقليدية ( الصرماية الحمراء ) التي كانت تشتهر في صناعتها مدينة حلب .

 

ثم استبدلت تجارته ببيع أكياس الخيش أو ما يسمى بالجنفاص ، وبيع المكسرات ، كما اشتهر السوق بصرافة العملة وتبديلها إلى عملات أجنبية بعيداّ عن رقابة السلطات ، أغلق البعض منها لاحقاً ، كما عُرف السوق بتجارة الذهب والفضة ( بيع  وشراء) عن طريق البورصة .

لذلك معظم الناس كانوا يسموا هذا السوق باللهجة العاميّة الحلبيّة ( سوق المَنْ من دَخَلَهُ جَنْ ) نظراً لتقلب البورصة صعوداً وهبوطاً !! .

 

من أصحاب محال هذا السوق قديماً ..

( أحمد السباعي ، محمد مصباح السباعي ، أبو ناجي الخير ، أحمد خرسة ، ابراهيم أشتر ، أبو غسان الأعرج ، محمد مكانسي ) .. الخ .

وعند نهاية سوق الحور يوجد مقهى الكميني لصاحبها تاجر الخيش المرحوم “محمد حمدي السيد” .

حيث كان يجتمع بتلك المقهى قديماً معظم تجّار المدينة ، ثم قام بهدمها وبناء عمارة ذات طابقين ، وأُعيد تموضع مقهى الكميني إلى الطابق الأول و قد خصص الطابق الثاني للسكن ،  تعلوهم غرفتين ومنافعهم على سطح البناء .

إضافةً لوجود مستودعاتٍ للخيش في أقبية هذا البناء الجديد  .

يحتوي هذا المبنى على عبّارة يتموضع بداخلها عدة محال ، تنتهي عند جامع او مسجد الكميني .

 

حافظت تلك المقهى الجديدة المنشأة في الستينات من القرن المنصرم على زوّارها من التجّار أصحاب المحال في المدينة القديمة ، فكانت مقهى في الصباح ، ومقصداً للأفراح والأعراس في المساء .

وانتهى الحال بإغلاقها تماماً قبل بداية الحرب في مدينة حلب .

يمتاز مقهى الكميني  بمدخلين ، الأول آخر سوق الحور والثاني جانب جامع الكميني .

 

يقع جامع الكميني أو مسجد الكميني نهاية سوق الحور وعبّارة الكميني .

 

ويُدخل إليه من سوق الحور وعبّارة الكميني ،  ومن وسط سوق السقطيّة .

 

يتألف المسجد من رحبة صغيرة وقبليّة .

ويقال بأنه قديماً كان حمّاماً ثم تحوّل إلى مسجد .

 

تعتمد نفقته القديمة على داليّة تعرّش على سطحه، كانت تحمل مقداراً عظيماً من الحصرم ، يباع ويعطى من ثمنه لإمام الجامع والخادم وباقي حوائجه .

 

أُعيد ترميم هذا المسجد عام /٢٠٠٥/م ،  /٤٢٦/ هجري .

وقد أطلق أحد التجّار عليه تسمية جديدة للصحابي الجليل  “عروة البارقي” .

 

لكن مازال يُعرف حتى يومنا هذا بإسمه القديم “مسجد الكميني” .

 

تضرّر سوق الحور كما معظم اسواق المدينة القديمة من الحرب الجائرة على مدينة حلب عام ٢٠١٢ م .

 

ومازال صدى أصوات تجّاره عالقاً على جدرانه المتصدّعة ، متمسكاً بعبق الذكريات ، آملين ترميمه وعودة ألقه في القريب العاجل بإذن الله .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار