سوق الجلّوم .. تاريخ عريق مازال يبوح لنا بقصص حكايا الأجداد .

•• وفاء شربتجي
يقع سوق حي الجلّوم مابين باب قنسرين وباب انطاكيه غرباً ، وشمالاً العقبه ، وشرقاً أسواق المدينه القديمة .
وهو من أقدم أحياء مدينة حلب .
ويتكون من الجلّوم الكبرى  والجلّوم الصغرى .
يحوي على عدّة سبلان وحمّامات وخانات ومساجد .
أبرز مواليد هذا الحي
١_ “أحمد بن مسعود”     والد المفكر عبد الرحمن الكواكبي .
٢_ “العلّامة خير الدين الأسدي ” .
٣_ شيخ الفنانين ” صبري مدلل ” .
ولتسمية الجلّوم عدة أقوال منها ..
١_ يقال بأنها محرّفة من ” جاء اللوم ” لأنه كان لقباً لوجيه من الحي كان له نفوذ يخوّله أن يوجه اللوم على حكام السلطة فدعي بإسمه .
٢_ أو أنها محرّفه من ” جلا القوم ” أي أن سكان الحي جلوا عن موطنهم الأصلي .
٣_ أو أنها محرّفه عن ” سلوم ” .
٤_ أو أنها آتيه من ” جلّ القوم ” أي أن سكانها كانوا من علّية القوم وأكابرهم ،
والكل يرجّح تلك المقولة .
من عائلات هذا الحي العريق قديماً ..
آل رسلان ، آل أسد ، أل جودة ، آل جزار ، آل طباخ ، آل كواكبي ، آل جلبي ، آل ركبي ، آل مؤذن ، آل حناوي ، آل مهروسة ، آل طرقجي ، آل صباغ .
يبدأ هذا السوق من مجمع الشيباني ، وينتهي عند جامع الشعيبيّة  بداية باب انطاكيه ، على مسار خط مستقيم واحد ينحرف قليلا نحو اليمين عند نهايته، تحت مسمى ” جلّوم الكبرى ” .
وهو سوق مستحدث منذ عام ١٩٦٠ م تقريباً .
حيث تحولت بعض البيوت العربية القديمة ، كما البعض من أجزاء الخانات إلى محلات تجارية .
يتألف هذا السوق من حوالي /٣٠٠/ محلاً تجارياً موزعاً على كلا الطرفين .
معظم المهن المتواجدة ضمن هذا السوق هي للألبسة النسائية والرجالية والولادية الوطنية ، كما يحوي على الألبسه الداخلية .
يتفرّع هذا السوق إلى تفرعات عدّة جهة اليمين وجهة اليسار .
نبدأ من جهة اليسار حيث يوجد مجمع “الشيباني” الرائع ، ويضم كنيسة ومدرسة ودير ،
يعود تاريخه للقرن الثاني عشر ميلادي .
١_ كنيسة الشيباني :
هدمت عام ١٩٣٤ م  وبني عوضاً عنها كنيسة “اللاتين” التي تقع في منطقة العزيزية .
وبقي مكان الكنيسة فارغاً ، تستعمل حالياً كموقف للسيارات .
٢_ مدرسة الشيباني :
تعد أولى مدارس حلب الإسلامية ، ومازالت قائمة حتى يومنا هذا بكل تفاصيل جمالها وروعة رواقها الداخلي ، الذي يحوي بداخله على دير للآباء الفرنسيسكان المؤسسين لهذا المجمع العظيم الذي يعد من أهم المراكز دينياً وثقافياً وتاريخياً .
ويعود تاريخ بنائه لعام /١١٢٤/ م ،
تستخدم حالياً كمركز لإدارة نشاط مؤسسة “الآغا خان” في حلب والمنطقة الشمالية ،
كما تقام فيه العديد من الفعاليات الثقافية والفنية على مدار العام .
تعرض عقار الشيباني خلال الحرب الجائرة على مدينة حلب عام /٢٠١٢/م للضرر
من قبل الفصائل الإرهابية المسلّحة ، إلا أنه مازال قائماً حتى يومنا هذا ،
كما تضرر لاحقاً بفعل الزلزال الذي ضرب مدينة حلب بتاريخ  ٦ / ٢ / ٢٠٢٣ م.
يلي هذا المجمّع العظيم مدفن “موتياب”
هو الأمير أحمد مطاف باشا ، الذي بنى وقفاً له ولزوجته ليدفنا فيه بعد موتهما ، وأوصى أن يؤخذ من أمواله الممنوحة منه مسبقاً لكل من يقرأ لهما كل يوم ختمة من القرآن الكريم .
يليه (خان الطاف)
تعود ملكيته إلى الأمير أحمد مطاف باشا ، الذي يعتقد أنه قد اشتراه أو أكمل بناءه ووقفه ،
كتب على باب الخان جهة اليمين بنقش حجري
“مبارك باب لرب العباد” .
ندخل هذا الخان عبر باب كبير ذو مصراعين ،
يحوي هذا المدخل على /١٠/ محال جهة اليمين ، ودرج يُصعد من خلاله إلى الغرف العلوية للخان ، كما ويحوي على /٦/ محال جهة اليسار ، وعلى قبو واحد .
ثم ندخل بعدها إلى الرواق وهو مربع الشكل ، يحوي على /١٠/ غرف أرضية ودرج يتصدّر المكان جهة اليسار يؤدي إلى الغرف العلوية جهة الشمال.
وفي خمسينيات القرن الماضي تحوّل هذا الخان من فندق ونزل إلى ورشات للخياطة ومعمل للسكولير .
ثم تحول في التسعينيات إلى محلات تجارية وورشات صغيرة لتصنيع الألبسة الوطنية الجاهزة .
تضرر هذا الخان عام /٢٠١٢/ م بسبب الحرب الجائرة على مدينة حلب. وبقي على وضعه الحالي حتى يومنا هذا .
يجاور خان الطاف مسجد يدعى “مسجد سيدنا حمزة” ،
أمر بعمارته الملك العادل أبو بكر محمد بن أيوب عام /٥٥١/ هجري ،/١١٥٦/ م . أيام العهد الأيوبي ، تم توسعته عام /١٩٩٧/ م .
ثم ( خان الجلبي ) او بيت الجلبي يقع  بالمحضر / ٦٣٥ / على واحد .
سمّي بالجلبي نسبة لقاطنيه من بيت الجلبي ،
يقع داخل هذا السوق الذي يسمى بالجلّوم الكبرى
بني عام /١٩٢٩/ م .
يُدخل إليه عبر باب كبير ذو مصراعين ويحوي المدخل على ثلاثة غرف ،
ويأخذنا المدخل إلى رواق كبير يحوي على /١٢/ غرفة أرضية و/٣/ غرف علوية ، واسطبل بعمق /٨/ درجات ، وهو الأقرب إلى المدخل جهة اليسار ،
يتصدر هذا الخان إيوان كبير تزينه قنطرة كبيرة يتناوب على حافتها لوني الأبيض والأسود.
يحوي هذا الإيوان على غرفتين كبيرتين ، كما يحوي على بئرين للمياه تم ردمهما لاحقاً ، وحاصل لمياه الأمطار عدّل استخدامه فيما بعد،
كما يحوي على درجين يؤديان إلى سطح هذا الخان .
 وبالقرب من هذا الإيوان الجميل وعلى حائطه جهة الشمال يوجد حمّام لها قبة عالية ، كان يستخدم تلك الحمّام سابقاً أصحاب هذا البيت ، كما ويوجد باب جانبي بالقرب من تلك الحمّام يؤدي إلى زقاق المسبح .
تحوّل هذا الخان مع الزمن إلى ورشات ومحلات لبيع الألبسة الوطنية تقريباً عام /١٩٧٠/ م ، وبقي كذلك حتى يومنا هذا .
تضرر هذا الخان بسبب الحرب الجائرة على مدينة حلب، وأعيد ترميم الإيوان والحمّام من جديد .
يليه مسجد آل طه الجلبي الذي بني في العهد العثماني  عام /١١٥١/ هجري ، /١٧٣٨/م.
ثم تم اعادة بناءه وترميمه عام /١٤٤٣/ هجري ، /٢٠٢١/م.
يحاذي هذا المسجد تفرّع يؤدي إلى جامع الأصفر أو عبّارة البوشي ،
يليه تفرّع ” زقاق فنصه” الواقع ضمن المنطقة رقم واحد حي الجلّوم /٣/ .
يليه مسجد السيد :
الذي أنشأ عام /٧٠٥/  هجري ، /١٣٠٥/ م .
في العهد الأيوبي
 وكتب  على لوحة أخرى بقربه  العهد المملوكي  .
يليه مفرق يؤدي إلى فرن “شيحة”
ونكون قد وصلنا بذلك إلى مخفر الجلّوم ،
الذي يجاوره مفرق يؤدي إلى الجلّوم الصغرى او مايسمى خراق الجلّوم ومنه إلى منطقة الكلاسه .
يليه مسجد التينه :
وهو مسجد قديم  تضرر بفعل الحرب وأعيد ترميمه عام /٢٠٢٠/ م .
ثم مسجد الماياتي :
الذي بني في أواخر العهد العثماني ، وقد تضرر بفعل الزلزال الذي ضرب مدينة حلب بتاريخ  ٦/ ٢ / ٢٠٢٣ م .
ويعاد ترميمه حالياً .
وعلى جهة اليمين المقابلة لهذا المسجد توجد حجرة قديمة سوداء اللون بطول ذراع وعرض نصف ذراع تدعى حجرة البرقة ،
امامها منزل قديم كتب على جداره العلوي آيات قرآنية ،
كان بعض الناس يزور تلك الحجرة  للشفاء من البرقه او الكسور العظمية ، بالجلوس عليها وقراءة الآيات القرآنية من الحائط الذي أمامها   ، لإعتقادهم بأنها تشفي لأن فيها سرّ شفاء من أسرار الأولياء الصالحين .
وقد أزيلت بعد الزلزال لتوسعة الطريق .
تقل المحال التجارية بعدها إلى أن نصل إلى مفرق جامع الشعيبيّة بباب انطاكية .
وبهذا نكون قد انتهينا من المرور بجهة الشمال من هذا السوق .
ونعود ونكمل حديثنا عن سوق الجلّوم جهة اليمين .
يبدأ من تفرّع آخر سوق “اليبرق” المشرف على الساحة المطلّة على مجمع “الشيباني” ، حيث يبدأ أصحاب المحال التجارية بعرض بضائعهم على الطريق خارج محالهم ،
لنصل بعدها إلى
“خان الدير” :
الذي يقع أمام خان “الطاف” ومدفن “موتياب” .
سميّ بالدير لأن كان يسكنه الآباء الفرنسيسكان ، وينتقلون منه إلى كنيسة الشيباني من الجهة المقابلة له عن طريق سباط أي ممر أو دهليز دون النزول إلى الشارع .
وقد أزيل هذا السباط فيما بعد بعد هدم الكنيسة .
 أي يعد الدير مكان بيت رهبان ومدرّسي مدرسة وكنيسة الشيباني .
وبمرور السنين تحوّل هذا الخان إلى مكان لصباغة وطبع الأقمشة ، وغسيل الصوف .
وفي عام /١٩٦٥/ م تقريباً تحول هذا الخان إلى ورشات ومحلات لبيع الألبسة الوطنية ، وبقي كذلك حتى يومنا هذا .
يحوي هذا الخان على /٨/ غرف أرضية و /٦/ غرف علوية كبيرة ، منهم واحدة كانت تؤدي إلى كنيسة الشيباني عبر سباط كما أشرت إليه سابقاً.
لم يتضرر خان الدّير بالحرب ولا بالزلزال و اقتصرت الأضرار على أشياء بسيط جداً ولله الحمد ، وبقي محافظاً على عراقته حتى يومنا هذا .
يلي هذا الخان تفرُّع يؤدي إلى جادّة “حمّام عتاب” التي تؤدي إلى سوق السّقطية، وعند أول تفرُّع لجهة اليسار منها يوجد خان يدعى “خان غنّام” .
وبعد هذا التفرُّع يقع
“خان خشبة” :
وهو خان صغير الحجم بالمقارنة مع باقي الخانات القديمة ،
سميّ بخان “الخشبه” لأن قاطنيه كانوا من عائلة “خشبه” ، وكانوا يعملون بكي الملابس،
وقد سكنه قبل ذلك عائلة “صولا” الإيطالية وعُرف آنذاك بخان “صولا” ، ثم تحوّل مع مرور الزمن إلى مستودعات ومحال تجارية عام /١٩٨٥/ م ، وبقي كذلك حتى يومنا هذا .
يحوي هذا الخان على /١٠/ غرف أرضية صغيرة ، و /٤/ غرف علوية، وقبو وبئرين عميقين للمياه أُزيلا فيما بعد .
تضرر هذا الخان كثيراً بفعل الحرب والزلزال ومازال على وضعه الحالي حتى الآن ، إلا أن البعض من أصحاب محلات هذا الخان قد رمموا محالهم آملين ترميمه كاملاً .
يلي هذا الخان مفرق يؤدي إلى جامع “البهرمية” وبيمارستان “النوري” .
ثم يليه مفرق “دار النشا” وهو عبارة عن معمل لتصنيع مادة النشاء التي تدخل في طبخ بعض الأطعمة والمأكولات الحلبية القديمة كالمهلّبية ، والسحلب .
ثم مدرسة الفجر العربي ، وهي عبارة عن دار سكنية قديمة تحولت إلى مدرسة .
يليها ساحة وتفرّع فرن “النقّار” وفيه جامع قديم يدعى جامع “المقدّمية” ، ومدرسة اعدادية “معن ابن زايده” .
يليه تفرّع آخر مقابل المخفر تماماً يدعى “شيخ نعسان” يؤدي إلى خان “الشيط” .
“خان الشيط” :
يقع خان الشيط أو مايعرف باسم خان فلّاحة” مقابل المخفر تماماً في حي الجلّوم ، داخل زقاق طويل .
يحوي هذا الخان على /١٠/ غرف أرضية ، و/٣/ غرف علوية .
تغيّرت طبيعة هذا الخان مع الزمن وأصبح يستخدم كمعمل صغير للنسيج “سكولير” عام /١٩٩٠/ م ،
ثم تحوّل إلى مستودعات للأقمشة والألبسه الوطنية ،  وبقي كذلك حتى يومنا هذا .
تضرر هذا الخان بفعل الحرب والزلزال ، لكن أضراره بسيطة مقارنه مع باقي الخانات.
نعود لنكمل طريقنا المستقيم من هذا السوق العريق جهة اليمين بعد المخفر ، يأتينا تفرّع لزقاق “البيض او البزازية” ، ثم زقاق “مخلوطة” الذي يقع أمامه مسجد “التينه” .
ويتضاءل عدد المحال التجارية لنصل إلى جامع “الشعيبيّة” بباب انطاكية .
ونكون بذلك قد أحصينا تقريباً أسماء المساجد والخانات من كلا الطرفين .
ومررنا بعطر أنفاس تاريخ عريق مازال يبوح لنا بقصص حكايا الأجداد .
  ⬇️⬇️⬇️
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام ??
قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار