مع تزايد أعداد المتسولين في شوارع حلب بشكل يومي، يتحول المشهد العام للتسوّل إلى ظاهرة تعكس هشاشة الواقع الاجتماعي، وتستدعي إيجاد حلول منهجية للحد منها.
انطلاقاً من ذلك، وجّه محافظ حلب المهندس عزام الغريب بتشكيل لجنة لتكون النواة الأولى المعنية بدراسة هذه الظاهرة ووضع حلول عملية لمعالجتها. وبعد تأسيسها مطلع شهر أيار، عقدت اللجنة مؤتمرها الصحفي الأول يوم الأحد 17 آب، كشفت خلاله عن إطلاق أول حملة مركزة لمكافحة التسوّل عبر مستويات متعددة.
خطة عمل منظمة
أوضحت اللجنة أنّ الحملة تتضمن شقاً توعوياً يستهدف المجتمع المحلي عبر نشر رسائل إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات المختلفة، إلى جانب شق ميداني يقوم على جمع بيانات أولية عن أماكن توزع المتسولين في المدينة وإجراء إحصاءات دقيقة حول أعدادهم، بما يضمن التعامل معهم بشكل لائق وتحويلهم لاحقاً إلى مديرية الشؤون الاجتماعية لدراسة كل حالة وفق خصوصيتها.
كما أشارت اللجنة إلى اعتمادها على مراجعة الدراسات والتجارب الدولية الناجحة في هذا المجال، والاستفادة من أدوات مثل تحليل المحتوى ودراسة الحالة لرصد الظاهرة وصياغة برامج متخصصة لمعالجتها.
مشاركة واسعة
ويشارك في عمل اللجنة نحو 30 عضواً من مختلف القطاعات، من بينهم قاضيتان وممثلون عن مديريات حكومية معنية بالقضية، في مقدمتها مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، ومنظمات المجتمع المدني والهيئات الثورية والشبابية. كما تضم اللجنة جهات قانونية وأمنية تعكف على مراجعة التشريعات المرتبطة بالتسوّل ومتابعة التحركات الميدانية للمتسولين بما يضمن استجابة قانونية رادعة ومستدامة، وتحميهم من الاستغلال.
كما تستند اللجنة في عملها إلى إجراء بحوث أكاديمية بالتنسيق مع كلية التربية في جامعة حلب، بهدف تصميم استبيانات منهجية وتوزيعها على أكبر عدد من أفراد المجتمع، ما يضمن مشاركة أوسع للمجتمع المحلي.
إعادة دمج وتأهيل
وتسعى اللجنة، ضمن خطتها، إلى تجهيز مراكز إيواء مجهزة بإمكانيات متقدمة لاحتضان الحالات الأكثر ضعفاً، والعمل على إعادة دمجهم في المجتمع من خلال تدريبات مهنية متخصصة، مثل الخياطة والحلاقة وغيرها من المهن التي تفتح أمامهم فرصاً اقتصادية أفضل.
أما على صعيد الأطفال، فتعمل اللجنة بالتنسيق مع مديرية التربية على إجراء سبر تعليمي لتحديد مستوياتهم، ومن ثم إعادتهم إلى المدارس أو إدماجهم في برامج تربوية خاصة، بإشراف تربويين ومرشدين نفسيين متخصصين في تعديل السلوك.
وحول تحقيق نتائج أكثر استدامة، تسعى اللجنة إلى إعادة تفعيل مكتب مكافحة التسوّل في مديرية الشؤون الاجتماعية والمتوقف عن العمل لأكثر من 14 عاماً خلال فترة النظام البائد، بما يضمن استمرار المتابعة والرصد وتقديم الدعم المناسب للمتسولين. وتترك اللجنة الباب مفتوحاً أمام الجهود المجتمعية والمؤسساتية والمنظماتية الراغبة في تقديم المساعدة والمساندة لمعالجة هذا الملف الحساس.