سقوط النظام البائد… انتصار صنعه السوريون وحقيقة بددت الوهم

جهاد جمال..

منذ اللحظة الأولى لسقوط النظام المخلوع في الثامن من كانون الأول ٢٠٢٤ سارع الإعلام الدولي إلى ترويج رواية مفادها أن النهاية جاءت بقرار دولي محض وأن الدول الكبرى هي التي حسمت الصراع وأسقطت النظام بلمسة خارجية لكن هذه الرواية لم تصمد أمام حقيقة الوقائع التي شهدها الميدان السوري فالمشهد كان واضحاً لكل من تابع مجريات الأحداث القوات الثائرة السورية هي التي اندفعت على الأرض واقتحمت المواقع الحصينة ووصلت إلى قلب العاصمة فيما بقي الدور الخارجي محصوراً في إدارة السياسة والتوافق على رفع الغطاء عن النظام وليس أكثر

لقد سعى البعض لتضخيم صورة التدخلات الخارجية وإظهارها على أنها صاحبة الكلمة الفصل بينما ما جرى عملياً أن تلك القوى اكتفت بترتيب المواقف بما يخدم مصالحها دون أن تدخل بجنودها أو تسقط القصر الجمهوري بمدافعها

فتركيا التي قيل إنها دخلت المعركة لم تفعل ذلك وإنما اكتفت بدعم لوجستي واستخباراتي وتأمين خطوط إمداد لمقاتلين يعرفون جيداً أن المعركة هي معركتهم

أما الولايات المتحدة فلم تكن في موقع اللاعب المباشر بل في موقع المراقب الذي سمح ولم يمنع وأرسل رسائل غير معلنة أن الأسد لم يعد جزءاً من المعادلة الدولية في حين بقيت روسيا عاجزة عن خوض مواجهة جديدة وهي المثقلة بأعباء صراعها الكبير واكتفت بمراقبة المشهد من بعيد أما إيران التي طالما رفعت شعار حماية النظام البائد فلم يكن بوسعها قلب المعادلات وقد وجدت نفسها أضعف من أن تمنع الانهيار

 

وهكذا تكشف الصورة جليا أن سقوط النظام كان صناعة سورية أولاً وأخيراً قوات ثائرة وضعت كل ثقلها في الميدان وجعلت من لحظة الهجوم على دمشق ساعة الحقيقة فالمقاتلون السوريون هم الذين فتحوا الطريق وأسقطوا الحواجز وسيطروا على المقرات وأجبروا رأس النظام على الفرار أما القوى الدولية فلم تكن سوى عامل مساعد بالسكوت أو برفع اليد ولم تشارك في المعركة على الأرض

 

إن الترويج الإعلامي بأن سقوط النظام البائد كان بقرار خارجي هدفه سرقة الإنجاز من أهله الحقيقيين لكن الوقائع تقول غير ذلك الوقائع تؤكد أن النصر كتبته دماء السوريين وأن ما صنعوه لا يمكن نسبته إلا لإرادتهم وصمودهم وبذلك يحق لنا القول إن ما حدث في كانون الأول ٢٠٢٤ لم يكن نصراً أهدته العواصم الكبرى بل نصراً سورياً خالصاً خطته الأيادي الثائرة التي رفضت الاستسلام وقررت أن تفتح فصلاً جديداً في تاريخ البلاد

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار