الدكتورة فاطمة مصطفى عبد الرحمن
انتشرت مؤخراً ظاهرة خطيرة جداً على الصحة العامة، ولا سيما في ظل انخفاض مستوى المنسوب المائي ونقص الموارد المائية، وهي ظاهرة الري بمياه الصرف غير المعالجة بمختلف أنواعه من صرف صحي وصرف زراعي وصرف صناعي وغيره.
وهذا يؤدي الى انعكاس سلبي على البيئة والتربة وصحة الإنسان وغيرها من منعكسات سلبية على جودة المنتج، فكان لابد من الإشارة إلى ذلك في هذا المقال، والتأكيد على ضرورة ري الخضار بمياه نظيفة خالية من الملوثات العضوية والكيميائية وغيرها.
كون هذه المياه تحتوي عادةً على ملوثات وبكتيريا وغيرها من المعادن السامة، وهنا نذكر بعض الأسباب التي تجعل الري بمياه الصرف غير المعالجة خطرة:
الملوثات البيولوجية: تحتوي مياه الصرف الصحي غير المعالجة على بكتيريا وفيروسات يمكن أن تسبب الأمراض مثل التهابات الجهاز الهضمي والحساسية الجلدية.
الملوثات الكيميائية: تحتوي المياه غير المعالجة على مواد كيميائية ضارة مثل المعادن الثقيلة والمبيدات الزراعية التي قد تتراكم في التربة والنباتات وتسبب ضرراً للصحة.
الروائح الكريهة: قد تحتوي المياه غير المعالجة على روائح كريهة ناتجة عن تحلل المواد العضوية، مما يمكن أن يؤثر على نكهة وجودة الخضروات.
بدلاً من استخدام مياه صرف صحي غير معالجة، يفضل استخدام مياه نظيفة ومعالجة لري الخضروات والنباتات، يمكن استخدام مياه الري النقية من مصادر معتمدة مثل المياه النقية أو مياه الآبار المعالجة للحفاظ على سلامة النباتات وجودتها، كما يمكن استخدام تقنيات الري الحديثة مثل الري بالتنقيط لتقليل استهلاك المياه وضمان وصول المياه بشكل مناسب إلى الجذور دون تلويث.
لتجنب استخدام مياه الصرف غير المعالجة في ري المحاصيل الزراعية وضمان سلامة النباتات والصحة العامة، يمكن اتباع بعض الإجراءات والتدابير لتلافي هذا الأمر، إليكم بعض الطرق لتجنب استخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الري:
١- استخدام مياه نقية: يفضل استخدام مياه ري نظيفة ومعالجة من مصادر آمنة ومعتمدة لضمان خلوها من الملوثات البيولوجية والكيميائية.
٢- الاعتماد على مصادر مياه بديلة: يمكن البحث عن مصادر بديلة للمياه للري مثل مياه الآبار المعالجة أو مياه الصرف الصحي التي تم تنقيتها ومعالجتها بشكل مناسب قبل الاستخدام.
٣- تحسين نظام الري: يمكن تحسين نظام الري لزيادة كفاءة استخدام المياه، مثل الاعتماد على تقنيات الري الحديثة مثل الري بالتنقيط الذي يقلل من استهلاك المياه.
٤- التثقيف والتوعية: يجب توعية المزارعين والمجتمع المحلي بأهمية استخدام مياه الري النظيفة ومخاطر استخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة.
٥- التشريعات والتنظيمات: يمكن فرض قوانين ولوائح تنظم استخدام المياه في الزراعة وتحدد متطلبات معالجة المياه الصرف الصحي قبل الاستخدام.
باتباع هذه الإجراءات والتدابير، يمكن تجنب استخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة في ري المحاصيل الزراعية والحفاظ على سلامة النباتات وجودة المحاصيل المنتجة.
توجد العديد من محطات معالجة مياه الصرف حول العالم، وتختلف هذه المحطات في حجمها ونوعية التقنيات المستخدمة، وهنا بعض أنواع محطات معالجة مياه الصرف الصحي التي تستخدم على نطاق واسع:
محطات معالجة مياه الصرف الصحي البيولوجية: تستخدم عمليات البيولوجية لإزالة الملوثات العضوية من المياه الصرف الصحي، يشمل ذلك محطات معالجة بالطمر الحيوي والمفاعلات اللاهوائية ومحطات التقليل الحيوي.
محطات معالجة مياه الصرف الصحي الفيزيائية والكيميائية: تعتمد على عمليات فيزيائية وكيميائية مثل الترسيب والترشيح والتبخير والتبلور لإزالة الملوثات الكيميائية والجسيمات الصلبة من المياه.
محطات معالجة مياه الصرف الصحي بالأشعة فوق البنفسجية: تستخدم أشعة فوق البنفسجية لتعقيم المياه الصرف الصحي وقتل البكتيريا والفيروسات الممرضة.
محطات معالجة مياه الصرف الصحي التكاملية: تعتمد على تكامل عدة عمليات معالجة مثل البيولوجية والفيزيائية والكيميائية لتحقيق نتائج ممتازة في إزالة الملوثات.
هذه بعض الأمثلة الشائعة لأنواع محطات معالجة مياه الصرف الصحي، يتم اختيار نوع المحطة والعمليات المستخدمة حسب نوع وكمية الملوثات المتواجدة في المياه الصرف الصحي والمتطلبات المحددة لجودة المياه المعالجة.
المراحل الأساسية لمعالجة مياه الصرف:
المرحلة الأولى – المعالجة الميكانيكية:
– الشاشة الخشنة: تستخدم لاستبعاد الجسيمات الكبيرة مثل القشور والأعشاب.
– التحكم بالرمال والزوبعة: تستخدم لاستبعاد الجسيمات الرملية والجسيمات الكثيفة الأخرى. المرحلة الثانية – المعالجة البيولوجية:
– معالجة الزبالة البيولوجية: يتم فيها تفاعل البكتيريا الجيدة مع المواد العضوية لتحللها.
– معالجة البركة البيولوجية: يتم فيها تحويل النيتروجين المنبعث من المواد العضوية إلى مياه قابلة للتخزين.
المرحلة الثالثة – المعالجة الكيميائية:
– إزالة الأملاح الذائبة: تستخدم مواد كيميائية مثل الكبريتات وأكسيد الحديد.
– تعديل الأس الهيدروجيني: يستخدم لضبط مستوى الحموضة أو القلوية في الماء.
المرحلة الرابعة – التعقيم والتطهير:
– الأشعة فوق البنفسجية: تستخدم لقتل البكتيريا والطفيليات الضارة.
– الكلور: يستخدم للتطهير النهائي وقتل البكتيريا الباقية.
هذه أمثلة على المراحل الأساسية لمعالجة مياه الصرف الصحي، يتم اختيار وتنفيذ المراحل المناسبة حسب تحليل المياه ومتطلبات الجودة والاستخدام النهائي للمياه بعد المعالجة.
عندما يتم ري الخضار بمياه صرف غير معالجة، قد تظهر بعض الصفات على هذه الخضروات نتيجة لتلوث المياه، وهنا نشير إلى بعض الصفات التي قد تكون ملحوظة على الخضروات المروية بهذه المياه والتي تشمل:
التلوث البكتيري والفيروسي:
– قد تظهر على الخضروات علامات تلوث بكتيري مثل نمو العفن و التسمم الغذائي والأمراض المعدية المتنوعة.
التلوث الكيميائي:
– قد تحتوي الخضروات على مواد كيميائية ضارة مثل الثقوب المعدنية والمواد الكيميائية السامة التي يمكن أن تكون ضارة للصحة عند تناولها.
الشوائب والروائح الكريهة:
– قد تظهر على الخضروات المروية بمياه الصرف الصحي غير المعالجة شوائب مرئية مثل الوحل والأوساخ وقد تصاحبها روائح كريهة.
نمو الطفيليات والديدان:
– قد تتسبب المياه غير المعالجة في نمو الطفيليات والديدان الضارة على الخضروات مما يمكن أن يشكل خطرًا على الصحة عند تناولها.
هذه تعتبر بعض الصفات العامة التي يمكن أن تظهر على الخضروات المروية بمياه الصرف الصحي غير المعالجة.
من الضروري تجنب تناول الخضروات التي تم ريها بهذه المياه وضرورة غسل الخضروات جيدًا قبل تناولها للحد من مخاطر العدوى والتلوث.
الأمراض التي يسببها الري بمياه صرف غير معالجة:
إن الري بمياه الصرف الصحي غير المعالجة يمكن أن يسبب انتقال العديد من الأمراض المسببة للعدوى والتي من الممكن أن تؤثر على الصحة العامة، وهنا سنذكر بعض الأمراض التي قد تنتقل عن طريق الري بمياه الصرف الصحي غير المعالجة تشمل:
١- التهاب الأمعاء: قد تحتوي مياه الصرف الصحي على بكتيريا ممرضة مثل السالمونيلا والشيغيلة والإشريكية كولاي، والتي يمكن أن تسبب التهابات في الجهاز الهضمي وتسبب الإسهال والتقيؤ.
٢- التيفوئيد: يعتبر التيفوئيد إحدى الأمراض المنتقلة بواسطة المياه الملوثة ويسبب الحمى الشديد و الصداع والتعب الشديد.
٣- الكوليرا: في حال تواجد بكتيريا الكوليرا.
في حال عدم توفر أي مصدر مائي آخر بديل لري المزروعات بمياه الصرف الصحي غير المعالجة، يمكن النظر في بعض البدائل الآمنة والمستدامة مثل:
١- تقنيات الإعادة التدوير المحسنة:
– يمكن استخدام تقنيات متقدمة لمعالجة مياه الصرف الصحي وتحسين نوعية المياه لجعلها آمنة للري، يمكن استخدام الأنظمة البيولوجية الدفيئة ونظم الترشيح المتقدمة لتحويل المياه الملوثة إلى مياه نقية قابلة للري.
٢- زراعة أصناف نباتية مقاومة:
– يمكن اختيار أصناف نباتية تتحمل التلوث الكيميائي والبكتيري من المياه غير المعالجة مما يقلل من امتصاص الملوثات إلى النبات نفسه.
٣- زيادة فترة الانتظار:
– يمكن اتباع سياسات زراعية تتضمن زيادة فترة الانتظار بين آخر مرة تم ري النباتات بالمياه الملوثة وحصادها للسماح للنباتات بتقليل امتصاص الملوثات عبر الزمن.
٤- استخدام التقنيات البيئية المستدامة:
– يمكن اعتماد تقنيات بيئية مستدامة مثل الزراعة العضوية وتقنيات الرش بالرذاذ بدلاً من الري التقليدي لتقليل التلوث وحماية النباتات والبيئة
تذكر أن الحفاظ على نوعية المياه المستخدمة في الري أمر حيوي لصحة الإنسان والبيئة، توجد العديد من البدائل الممكنة والآمنة لري المزروعات في حال عدم توفر مصادر مائية أخرى بديلة عن مياه الصرف الصحي غير المعالجة.