الجماهير || أسماء خيرو …
في خطوة تهدف لإحياء الهوية الثقافية لحلب وإعادة الاعتبار لدور المبدع السوري انطلقت في جامعة حلب فعاليات “الملتقى الشعري الأول بعد التحرير” ربيع الأدب في حلب “، الذي نظمته مديرية الثقافة برعاية مديرية الشؤون السياسية وبالتعاون مع جامعة حلب – مكتب الشباب .
ويتضمن الملتقى الذي سيستمر على مدى يومين إلقاء القصائد الأدبية والشعرية بمشاركة عشرين شاعراً وشاعرة من مختلف المحافظات السورية.
وشهد اليوم الافتتاحي للملتقى، الذي أُقيم في مدرج إيبلا بكلية الآداب والعلوم والانسانية ، مشاركة كوكبة من الأصوات الإبداعية في ساحة أدبية أطلقت لتعزيز الحرية الثقافية وإحياء الدور الحضاري لحلب، التي تنفَّست أخيرا هواء الربيع بعد شتاء طويل من التحديات تحت وطأة الضغوط التي فرضها النظام البائد.
وجسدت القصائد التي ألقاها المشاركون مشاعر إنسانية جياشة، تنوعت بين القضايا الاجتماعية والوطنية والعاطفية، مع اهتمامٍ واضح بتطوير اللغة الشعرية وربطها بالواقع المعاصر والتطورات التي رافقت الأزمة السورية، مما أضفى طابعًا مؤثرًا على الفعالية التي شهدت حضورا لافتًا من نخبة المثقفين والطلاب ومحبي الأدب.
ولفت أحمد حسن إبراهيم (رئيس فرع اتحاد الطلاب سابقاً في إعزاز) إلى أن أهمية الملتقى والتي تكمن في توحيد الجهود الأدبية على أرض حلب، “درة الشام”، التي يجب أن تعود لريادتها الثقافية كحاضنة للإبداع السوري ، كما أكد أن إعادة إحياء الدور الحضاري للمجتمع السوري يتطلب جهوداً متواصلة، ليس فقط عبر هذه الملتقيات، بل أيضاً بفعالياتٍ أخرى تُقام على مستوى البلاد، لترسيخ الهوية الثقافية.
واعتبر الشاعر رافع الرحمون من محافظة إدلب بأن الملتقى يرسل رسائل تفاؤلية تجسد الاحتفاء بالنصر الثقافي، وعودة الأدب إلى مساره الصحيح المتجرد من التسييس ، فالأدب الحقيقي يجب أن ينفتح على آفاق إبداعية غير مقيدة، ليكون رافدا للرسالة الحضارية الأصيلة التي تحملها سوريا عمومًا، وحلب على وجه الخصوص.
وقد جاءت قصيدة الرحمون عن حلب وكلية الآداب تعكس هذا التوجّه، في عملٍ يعيد تصوير الهوية الثقافية للمدينة عبر كلمات تحمل في طياتها الشغف لحب الوطن وجمال تراثه.
ويرى الشاعر والمحامي علي محمد الشريف، المهتم بشؤون حقوق الإنسان،الذي قدم عدة قصائد وطنية أن الملتقى الثقافي يأتي في توقيت محوري مع دخول سوريا عصر التحرير، ليكون بداية للفرح الإبداعي في “ربيع نيسان” معبرا عن سعادته بالمشاركة مع شعراء من أكثر من محافظة في سوريا وعن سعادته بعودته لحلب وعودة الأجواء الثقافية الجميلة .
.
وأكد الشاعر إبراهيم كسار على الأهمية البارزة لهذا الملتقى، كونه الأول في حلب بعد مرحلة التحرير، مما يجعله علامة على وجود المدينة واستعادتها لحضورها الأدبي والثقافي والفكري مشيرا إلى أن الملتقى شهد إلقاء مجموعة من القصائد الوطنية الحماسية والغزلية تعكس حراكاً ثقافياً متميزاً، معرباً عن أمله في استمرار هذه الملتقيات وديمومتها كخطوة نحو إحياء الإرث الحضاري لمدينة حلب.
وأوضح الشاعر صلاح الخضر -مدير المركز الثقافي في منطقة الحولة بمحافظة حمص، ورئيس تجمع الكتاب السوريين الأحرار- أن الملتقى يأتي وفاء لمدينة حلب لعريقة، ويسعى لإثراء المشهد الثقافي ووضع اللبنة الأولى لثقافة سورية جديدة، بعد حرمان المجتمع منها خلال سنوات الحرب وحتى ما قبلها مشيرا إلى أن الملتقى سيكون بداية لسلسلة فعاليات ممتدة ستشمل مختلف المحافظات السورية، تعويضًا عن التشويه المتعمد الذي مارسه النظام البائد ضد صورة حلب عبر حصر جمالها في جوانب ثانوية كالمأكولات، بينما تعدّ عاصمة للتاريخ والعلماء والشعراء.
وأضاف الخضر أن المهرجان فرصة لاستعادة حلب مكانتها كعاصمة للثقافة العربية والإسلامية، وإعادة الاعتبار لدور المبدع السوري في بناء المجتمع، مع التأكيد على حق العودة كأحد الركائز الأساسية لإحياء الهوية الثقافية للمدينة التي عانت ويلات الحرب.


