الجماهير || أسماء خيرو..
في إطار الفعاليات الثقافية المتنوعة التي تشهدها المدينة، استضافت دار رجب باشا في حلب القديمة جلسة حوارية بعنوان “البلد ومنطق الحريات”، ضمن فعاليات “الحدث الثقافي المتنوع (محاولة رقم 1)”، الذي تنظمه مديرية الثقافة بحلب.

تمحورت الجلسة، التي لاقت إقبالًا كبيرًا من المثقفين والمهتمين، حول إشكالية العلاقة بين مفهوم الحريات في السياق العربي، وأسس الاستقرار الاجتماعي، ودور المواطنة في ترسيخ الحقوق. وسلطت الضوء على كيفية بناء مجتمع قادر على صياغة عقد حرية متوازن، يحفظ الحقوق الفردية والجماعية دون المساس بالنسيج الاجتماعي.
أدار الحوار الدكتور عبدالله عتر (المتخصص في العلوم الإسلامية ودراسات الحرية)، الذي قدم قراءة تاريخية لتطور مفهوم الحريات في منطقة بلاد الشام، معتبرًا أن سوريا والمنطقة تمتلكان تراكمًا حقوقيًا يعود إلى عصور مختلفة، شكّل هوية مميزة قائمة على التوازن بين الحرية والمسؤولية.

وأكد أن بناء المجتمعات والدول يحتاج إلى هيكل قائم على الحقوق، مشيرًا إلى أنه قديمًا تم تحديد ثلاثة حقوق أساسية تشكل مصدرًا لكل الأنظمة الحقوقية: الحق في الحياة، الحق في الحرية، والحق في الملكية، مشددًا على أن أي انتهاك لأحد هذه الحقوق يؤدي إلى هشاشة البناء الحقوقي ككل، وأن هذه الحقوق ليست نتاج عقد مواطنة أو دستور، بل هي مكتسبات تاريخية عميقة.
وأشار إلى أن الحرية هي “أقوى الحوائج” لأنها رأس مال الحياة، وأن بناء القدرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية يساهم مباشرة في تعزيز الحريات، كما نوه إلى أن الاستقرار والأمن والاقتصاد الجيد يشكلون ركائز أساسية لضمان حرية الأفراد.

وانتقد الدكتور عتر الفهم الضيق للحرية الذي يقتصر على الجانب السياسي، داعيًا إلى رؤية شاملة تشمل: الحريات السياسية (مثل حرية التعبير).الحريات الاقتصادية (مثل حق الملكية والعمل).الحريات الاجتماعية (مثل التعليم والصحة).
وختم بالقول: “إن الحرية تُبنى بالتفاصيل، ومسؤوليتها جماعية”، مؤكدًا ضرورة إدماج مثلث “الحياة والحرية والملكية” في العقلية الجديدة، حيث إن الوقت الحالي يمثل فرصة تاريخية لإعادة إحياء المنطق الحقوقي العريق في المنطقة.
وشهدت الجلسة تفاعلًا ملحوظًا من الحضور، الذين طرحوا أسئلة ومداخلات أثرت النقاش، وتناولت جوانب مختلفة من الموضوع، منها: الحرية والمرجعيات. الحقوق والواجبات.كيفية تعزيز ثقافة الحريات بمختلف أنواعها.كيفية الموازنة بين الحرية والمسؤولية. كيفية تربية الأجيال القادمة على فكرة الحريات. التحديات التي تواجه الشباب في ممارسة حرياتهم.
#صحيفة_الجماهير