المشاركون في ندوة “الترجمة والهوية” : على المترجم أن يحسن النص اﻷصلي ويمنحه نفحة وطنية

 

الجماهير / نجود سقور

نظمت مديرية الهيئة العامة السورية للكتاب بالتعاون مع مديرية ثقافة حلب ندوة بعنوان “الترجمة والهوية” على مسرح ثقافي العزيزية بمشاركة الدكتورة زبيدة القاضي و الدكتور مصطفى عثمان ومحمد ابراهيم العبد الله وأدارها حسام خضور وذلك ضمن احتفالية حلب عاصمة الثقافة السورية.

و بدأت الندوة مع الدكتورة زبيدة التي شبهت الترجمة ببناء الطرق فهي تنشئ جسورا بين الثقافات المتنوعة وأن الترجمة انطلقت من اﻻحادية الثقافية اﻷنانية إلى التعددية الثقافية وعرفت الترجمة بأنها نقلا من لغة إلى أخرى ومن ثقافة إلى أخرى وليست إعادة إنتاج .

وتطرقت الى تاريخ الترجمة الفرنسية من القرن 17 واعتماد قاعدة الذوق الرفيع التي تقول كي تكون الترجمة ناجحة عليها أﻻ تكون أمينة للنص اﻷصلي وعلى المترجم أن يحسن النص اﻷصلي ويمنحه نفحة وطنية ويعطيه جنسية البلد كالنسخة المهذبة لأنطوان غاﻻن لألف ليلة وليلة مضيفة أن المترجم هنا يعتبر كاتبا مشاركا يعيد كتابة العمل أكثر مما يترجم ويسعى لإثارة اﻹعجاب بلغته اﻷم.

أما في القرن 18 توصل الفرنسيون الى اﻻعتقاد بحرية التصرف في الترجمة التي هدفها اﻻمتاع ونتيجتها الأنافة على حساب اﻷمانة للنص اﻷصلي كترجمة فولتير لنص شكسبير “هاملت”.

لكن الوضع تغير في القرن 19 فاهتم المترجم أكثر بأصالة النص وعبقرية اﻵخر بعيدا عن ذوق المتلقي وسعيا للحفاظ على خصوصية النص اﻷصلي كما ترجم ماردروس ألف ليلة وليلة.

ثم انتقلت القاضي إلى حقبة أحدث تستخدم فيها الطريقة التثاقفية المتعلقة باكتشاف اﻵخر بكل ما هو فالمختلف يتيح المجال للممكن ويتأقلم مع الغريب مع أن المختلف قد يسبب الخوف ويثير الرفض والعدوانية مبينة أفضلية المنهج التثقافي في الترجمة ﻷنه قادر على امتصاص “الصدمة الثقافية ” وتحويلها الى اكتشاف هادئ لثقافة اﻵخر.

وبدوره الدكتور مصطفى عثمان تحدث عن الوظائف المجتمعية للترجمة وأهمها :

الوظيفة التواصلية: هي التجسيد اﻷبرز لطبيعة الترجمة اﻻجتماعية إذ أن الترجمة وسيلة للعلاقات والمعلومات المتبادلة وهي صلة وصل بين اﻷجيال عبر العصور مشيرا الى أن هذه الرسالة تجعل الترجمة نشاطا حتميا بوصفها قناة اتصال ونقل يتحقق عن طريقها تبادل اﻻفكار والخبرة والغنى الروحي لمختلف الثقافات الوطنية.

والوظيفة الثانية للترجمة الوظيفة الثقافية العامة : بوصفها عاملا لرفع المستوى الثقافي للشعوب وشكلا للتأثير المتبادل بين الثقافات واستعارة عناصر ثقافية من الثقافات اﻻخرى مؤكدا أن اﻻنعزال ورفض توظيف القيم الروحية الوافدة يؤدي للانحطاط الثقافي للمجتمعات والشعوب.

والوظيفة المعرفية -التنويرية هي الوظيفة الثالثة للترجمة التي تلعب دورا مهما بنشر المعرفة والتنوير والعلم والتعليم حيث أن جزءا كبيرا من منجزات التقدم العلمي البحثي يصبح في متناول المتخصصين من خلال الترجمة.

أما الوظيفة الرابعة واﻻخيرة حسب ما ذكر الدكتور فهي الوظيفة التربوية للترجمة فاﻷعمال المترجمة ﻻ تنشر المعارف فحسب بل وتسهم في تشكيل العقيدة واﻷخلاق والذوق والقيم التي تهتدي بها الشخصية وفي إقامة العلاقات اﻹيجابية بين الناس مضيفا أن الترجمة تؤدي إلى تفعيل قوة تربوية هائلة تدفع نحو اﻷعمال اﻷدبية والعلمية والمجتمعية والسياسية وتجعلها ذات شحنة تربوية متاحة لملايين الناس لم تكن متاحة لهم قبل الترجمة.

وأدلى محمد ابراهيم العبد بدلوه وطرح عدة أشكاﻻت تطرحها الترجمة تتعلق بعلاقة الترجمة بالمثاقفة وفيما يخص قضية الهوية واﻻختلاف الثقافي ذاكرا أن الوسيط اﻷمثل لتقوية آلية التقارب الثقافي هو المترجم والترجمة بكل أسئلتها المتشعبة فعل معرفي هادف ونشاط علمي عميق يدعم التواصل الثقافي بين الشعوب ﻷنها جزء ﻻ يتجزأ من العملية التواصلية بين الثقافات الحية فهي تعكس إلى حد بعيد النشاط العلمي واﻷدبي وتكشف عن إرهاصات التطور الفكري ومدى قدرة الثقافة على استيعاب الراهن ورفع تحديات المستقبل فضلا عن تعميق المعرفة “بالأنا” سواء بلغته أم ثقافته أم نمط حياته الفكرية والمعيشية خاصة في هذا العصر الذي أصبح فيه فعل الترجمة ضرورة ملحة بحكم التطور في وسائل اﻻتصال وهذا يتطلب بالضرورة حدا أدنى من المعرفة بلغة اﻵخر وخصوصياته المجتمعية.

وختم قائلا :من هنا تبدو الترجمة بمثابة “استراتيجية لتوليد الفوارق وإقحام اﻵخر في الذات ،إنها ما يفتح الثقافة ،ما يفتح اللغة على الخارج، ما يفتح النصوص على آفاق لم تكن لتتوقعها وﻻ تتوخاها”.

وداخل حسام خضور بأن ركز على اختلاف الترجمة بيت اﻷطفال والكبار موضحا أن التكييف مسموح به في ترجمة الطفل ﻻعتبارات أساسية في بناءه معرفيا وقيميا وإدراكه وقدرته على المعرفة.

ومن ناحيته الباحث التاريخي عبد الله الحجار طالب بضرورة التدقيق والتمحيص للمترجمات نتيجة وجود مغالطات بالمعنى والمفهوم في بعض الترجمات .

حضر الندوة حشد من المثقفين والمهتمين .

ت هايك

رقم العدد 15828

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار