الجماهير – عتاب ضويحي
تعود بنا الذاكرة إلى الوراء قليلاً، سنوات بعدد أصابع اليدين ، نتذكر ما مرّ بنا في الأيام العجاف، ذلك الإحساس الغريب بصقيع الخوف، ووحشة الترقب، سبابة تضغط على الزناد، رائحة الموت، طفل مذعور سقطت لعبته من يده، أغنية ضلت طريقها إلى غير هدف، أسرة فرّت تاركة إبريق الشاي ساخناً على مائدة الطعام، ومنزل يئن شوقاً ويحن لضحكات أهله.
لكن وكما هي سنة الحياة لابد للألم أن يتبدد والأمل أن يتجدد، ما لمسناه وأحسسناه وواكبناه أمس، في يوم كتبنا تفاصيله ببنان قلوبنا ومداد دمائها ، في يوم انتظرناه طويلاً يطل علينا ببارقة أمل، تمسح الحزن والألم عن نياط قلوبنا ،وتبزغ منه شمس مستقبل نفد صبرنا في انتظاره.
مشاعر عفوية، أحاسيس صادقة، بدّدت صقيع الخوف، وآنست القلوب الخائفة، وأرشدت الأغنية الضّالة إلى طريقها، وأعادت لإبريق الشاي مذاقه المحبب، وللمنزل المشتاق ضحكات أهله .
السوريون يوم أمس تجّلى لهم وطنهم سالماً، منعماً، وطنا لايصرخ ولا يتمزق، وطنا من الأفراح، وطنا أراد أن يكون فكان له ما أراد،لأن إرادته إرادة حق، إرادة وجود، إرادة بقاء.
وطني لا نعلم كيف نحميك، لكننا نستودعك الله في كل حين وثانية،وليعذرنا العالم إن لم ترق لنا أرض بعد أرضه أو عزّ عندنا البديل.
ت جورج اورفليان