الجماهير – أسماء خيرو
بدأت الندوة الثقافية التي قدمها الشاعر محمود علي السعيد وأقامها النادي العربي الفلسطيني بالتعاون مع اتحاد الكتاب الفلسطينيين بعنوان ( الترجمة والمثاقفة ) في مقر النادي العربي الفلسطيني ،بدأت بحديث الدكتور محمد العبد الله رئيس فرع حلب لاتحاد الكتاب العرب عن ماهية الترجمة ومدى تأثيرها في التطورات التكنولوجية المتسارعة مثيراً بعد ذلك عدة أسئلة جوهرية حول الترجمة والمثاقفة إذ طرح الأسئلة الآتية :
ما علاقة الترجمة بالمثاقفة ؟ وماهي الصورة التي تبدو بها المثاقفة خلال فعل الترجمة ؟ وماهي الإشكالات التي تطرحها الترجمة في ظل المثاقفة وخاصة فيما يتعلق بقضية الهوية والاختلاف الثقافي ؟ لتفضي الأسئلة التي أثارها إلى استنتاجات عديدة أهمها :
أن الترجمة ترتبط بالمثاقفة من زوايا عديدة ألا وهي التواصلية – والمعرفية – والأيديولوجية – والرمزية ، وأن علاقة الترجمة بالمثاقفة يجب أن تتجه نحو خلق رؤية معرفية غايتها تقويض كل تصور سلبي مبني على إلغاء ثقافة الآخر، فالمثاقفة عبر آلية الترجمة تكرس التفاعل القيمي الإنساني وتضيف قوة الاختلاف بين الشعوب وبذلك فالترجمة تسهم في تنمية المثاقفة وتغذيتها فضلا عن أنها تثري الحوار الثقافي لذلك أصبحت ضرورة ملحة في عصر العولمة وحوار الحضارات، إذ بإمكانها تنمية روح الإخاء والتعاون الإنساني وتكريس فلسفة الحقوق الإنسانية وبعدها الشمولي وذلك انطلاقا من احترام ثقافة الآخر وتجاوز الأحكام المسبقة المليئة بالنزعة والاحتقار والتعالي .
وبدورها تحدثت المحاضرة الدكتورة زبيدة قاضي خلال الندوة حول الترجمة والتعددية الثقافية في الثقافة الفرنسية فبدأت بتعريف الترجمة بشكل عام ومن ثم تطرقت إلى مفهوم الترجمة في المجتمع الفرنسي في القرن السابع عشر والقرنين الثامن والتاسع عشر إذ قالت : بأن فرنسا في القرنين السابع والثامن عشر اعتبرت الترجمة نوعاً ثانوياً يقوم على إنتاج وتقليد ونقل لغة إلى أخرى وثقافة إلى ثقافة أخرى بكل التحولات اللازمة لهذا الانتقال فلم يكن المقصود استقبال الآخر واحترام شخصيته بل إدماجه في ذوق الآخرين ، فالترجمة عند الفرنسيين في تلك الحقبة حتى تكون ناجحة عليها ألا تكون أمينة للنص الأصلي بمعنى آخر المترجم الفرنسي لديه الحرية بأن يحذف المقاطع التي لايراها مناسبة بل يضيف مايشاء من عنده بما يتناسب مع الفكر السائد في مجتمعه ..
أما في القرن التاسع عشر فلقد اختلف الواقع إذ أصبح المترجمون أكثر اهتماما بالنص الأصلي وعبقرية الآخر حيث بدأ المترجم يهتم بالغريب والمحلي والعادات والتقاليد والأسلوب المميز ويسعى للحفاظ على خصوصية النص الأصلي وغرابته. مشددة في ختام حديثها على ضرورة محاربة العولمة بالمثاقفة وتعلم الترجمة بمختلف اختصاصاتها وخاصة في عصرنا هذا والتمسك بالمثاقفة الأخلاقية لأنها تجعل المترجم يواجه تنوع أقرانه بين البشر وتقوده إلى تقبلهم واحترام واكتشاف ثقافة الآخر ..
ومن جهته المحاضر الدكتور محمد مرشحة تحدث خلال الندوة عن علاقة التعريب والتعجيم بالمثاقفة بعد أن عرف مفهوم الترجمة وعدد أنواعها التي تنوعت مابين الحرة ، والعلمية، والأدبية مضيئا على أهمية المترجمين العرب والمسلمين في إسبانيا مؤكدا في ختام حديثه، بعد أن عرف أيضا مفهومي التعريب والتعجيم، ضرورة تشجيع وحث الشباب على اتباع منهج التعجيم من أجل مواجهة ثقافة الآخر العدوانية والعولمة الأمريكية التي تسعى لتحويل كل شيء إلى لغة واحدة ألا وهي الإنكليزية ومن ثم تطرق إلى مصطلح التأثير العكسي الذي، على حد قوله، تتمكن الترجمة من خلاله من أن تؤدي فعلا مقاوما وتؤثر إيجابا ، فهي تعزز الانفتاح والاندماج الثقافي وتقوي آلية التقارب كما إنها أداة فعالة لتجسير الهوة بين الثقافات وعنصر مهم يسهم في تنمية الفكر والمعرفة .
وختمت الندوة بعدد من المداخلات التي أغنتها بما هو مفيد ومعرفي حول الترجمة والمثاقفة .
ت : هايك أورفليان