الجماهير – عتاب ضويحي
مهنة تجمع بين التصاميم الهندسية والزخرفة النباتية وفنون الخط العربي بلوحة متكاملة ذات ألون منسجمة وإيقاع متناغم تبهر المتلقي.
تعتبر حرفة الدهان الدمشقي والتي عرفت بال “العجمي” حسب منظمة اليونسكو التي أدخلتها على لائحة التراث اللامادي، من أقدم المهن الشرقية في دمشق، تمتاز بدقتها وأسرار لايعرفها إلا من ورق المهنة عن أجداده، تمتلك لغة رمزية ذات رسائل خفية عادة ماتثريها أعمال الخط المعقدة، ولأنها قمة الحرف اليدوية نراها اتخذت لنفسها مكاناً يناسب مكانتها، وتمركزت على أسقف وجدران وأبواب القاعات والجوامع والقصور والبيوت الدمشقية القديمة.
وانطلاقاً من أهمية هذه الحرفة وخوفاً عليها من الاندثار، بادرت مجموعة من فتيات حلب لافتتاح مشروعهن الخاص “زخرف” في سوق الحرير بحلب القديمة لإحياء حرفة العجمي والحفاظ عليها.
عن المشروع أوضحت لل”الجماهير” نادرة ربيع مديرة المشروع أنه انطلق عام 2017 كواحد من مشاريع فريق سبل للتنمية، واختير” العجمي ” لقدمه وجماليته وخوفاً عليه من النسيان، وتم تدريب مجموعة من السيدات ممن يمتلكن حباً ورغبة في تعلم هذه الحرفة التي تحتاج للدقة والصبر والاستعانة بخبرات أشخاص من حلب تعلموا المهنة من أهلهم كهواية وليس كحرفة، دربوا السيدات على المهنة من الألف للياء.
وفيما يخص مراحل العمل بينت ربيع أنه يمر ب 15 إلى 17 مرحلة تقريباً تبدأ من اختيار القطعة الخشبية أساس العمل ومعالجتها وتأسيسها بمادة خاصة تطيل عمرها الافتراضي، ثم يتم اختيار التصميم وطبعه على الخشب، ثم نجهز مادة “النباتي” التي تتكون من عدة مواد أهمها الجبصين يحضر بطريقة خاصة، يتناسب مع العوامل الجوية ويتحمل درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة، وننزل النباتي على التصميم، وبعدها مرحلة التنبيت والتأسيس والألوان التي تختلف عن الألوان الدمشقية “الأخضر، الزيتي، الزهري” فهناك رغبة في المجتمع الحلبي بالألوان البنية وتدرجاتها أكثر، ويبقى اللونان الذهبي والفضي أساسيين في العجمي، وبعدها مرحلة التكحيل والتعشيق وأخيراً مرحلة “اللكر” ويكون إما لامعاً، نصف لامع وإما ناشفاً، وأشكاله الزخرفة النباتية من أوراق وأغصان وأشجار وزهور وهندسية مثلث، مربع، مخمس وغيره، والخط العربي كوفي، فارسي، ثلث، رقعة وغيره.
وأشارت ربيع إلى إنتاج مايقارب ال100 تصميم مابين صناديق، كوادر صور صغيرة وكبيرة، علب ضيافة ومناديل ورقية، مرايا، أبواب، وساعات.
التسويق أكبر الصعوبات
وعن صعوبات العمل لفتت ربيع إلى أن التسويق يعتبر من أكبر هموم المشروع، فالمعادلة غير متكافئة الأطراف، هناك إنتاج لكن للأسف لايوجد تسويق وتصريف للمنتجات رغم التعب والجهود المبذولين عليها وبشهادة شيوخ الكار والمشاركة في المعارض، لم تسمن ولم تغن من جوع، بل كانت تكلفنا أعباء مالية من حجز طاولة ونقل مواد وغيرها دون أن يكون هناك بيع لأي قطعة، كما فشلت عملية الربط مع محلات البيع الخاصة التي تعنى بالشرقيات والأنتيكات. وتؤكد ربيع أن المشروع ليس بحاجة للدعم المادي، لاسيما وأن الإمكانات المادية والبشرية موجودة، وكان لهم مشاركة في ترميم مظلة خشبية بسوق الأحمدية أثبتت قدرتهم كمشروع في الترميم وإعطاء صورة جميلة عنه، لكن الدعم من قبل الجهات المعنية بعرض إنتاجهم بمعارض داخل البلد وخارجه، واقتناء منتجاتهم في الأماكن الأثرية التي يوجد فيها فن الدهان الدمشقي، إضافة لإشراكهم في عمليات الترميم الخاصة بالعجمي.
وبقلق وخوف على حرفة العجمي تختتم ربيع حديثها، بأن شبح إغلاق المشروع يهدده طالما بقيت لوحات العجمي حبيسة الجدران، فهي ليست مجرد لوحة بل حكاية وفلسفة نسجت تفاصيلها روح عشقتها وامتزجت فيها.
ومن المتدربات أشارت ميس كوراني طالبة في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية إلى أن فن العجمي جزء من اختصاصها ودراستها، طور من قدراتها وخبراتها وفتح أمامها آفاقاً جديدة في التصميم واختيار الألوان، و لاسيما في تصميم الأزياء.