مصطفى الدناور…. في قلب العاصمة السورية، وعلى أرضٍ تنبض بتاريخٍ عريق، ينبثق معرض دمشق الدولي كنبضٍ حضاريٍّ لا يخفت، وكرمزٍ للانفتاح رغم العواصف. ليس مجرد فعالية اقتصادية أو تجارية، بل هو مساحة تتقاطع فيها الثقافات، وتتشابك فيها الحكايات، وتُروى فيها قصص المدن والناس.
انطلق المعرض لأول مرة عام 1954، ليكون أول معرض دولي في المنطقة العربية، يجمع بين الشرق والغرب، ويمنح دمشق لقب “عاصمة المعارض”. ومنذ ذلك الحين، صار موعده السنوي أشبه بمهرجانٍ للهوية، حيث تتلاقى الدول لتعرض منتجاتها، وتشارك رؤاها، وتنسج علاقات جديدة.
في أروقة المعرض، لا تُعرض السلع فقط، بل تُعرض الثقافات. من جناح إيران إلى أجنحة روسيا والصين، ومن الحرف اليدوية السورية إلى عروض الأزياء اللبنانية، يتحول المكان إلى فسيفساء عالمية، تروي كيف يمكن للاختلاف أن يكون مصدرًا للجمال، لا للانقسام.
لم يكن المعرض يومًا مجرد سوق، بل كان مسرحًا للفن والموسيقى. حفلات غنائية، عروض مسرحية، لوحات تشكيلية، وندوات فكرية… كلها تجعل من زيارته تجربةً تتجاوز الشراء، لتلامس الذائقة وتغذي الروح.
رغم ما مرّت به سوريا من تحديات، عاد المعرض ليُقام من جديد، وكأن دمشق تقول: “أنا هنا، لا أنطفئ”. فكل دورة جديدة منه هي إعلان حياة، ورسالة أمل، بأن الثقافة لا تُهزم، وأن المدن التي تحب الفن لا تموت.