محمد سلام حنورة…
بدأت اليوم سوريا تكتب فصول نهوضها من رماد الحرب.
حرب لم تقتصر على الدمار في الحجر والبشر، بل امتدّت لتصيب قلب الطبيعة نفسها: الغابات التي احترقت، والأنهار التي تلوثت، والسهول التي تحولت إلى أراضٍ عطشى.
ومع ذلك، تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، عنوانها “التعافي البيئي ووحدة الأرض والإنسان”، يقودها الرئيس أحمد الشرع الذي يشارك هذا العام في قمة الأمم المتحدة للمناخ COP30 في البرازيل.
هذه المشاركة لن تكون مجرد حضور سياسي، بل لحظة رمزية تحمل معنى أعمق: سوريا التي عانت من الحروب والحرائق، تعود لتخاطب العالم عن البيئة والسلام. فمنذ عام 2011، فقدت البلاد قرابة نصف غطائها الحراجي، وانهارت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بسبب المعارك والنزوح، وتعرضت مصادر المياه لتلوث خطير جراء تسرب النفط والمواد السامة.
حتى الهواء تغيّر، بعدما غطّى الغبار والدخان سماء المدن والقرى.
لكن هذا العام شهد تحولاً ملحوظًا. فقد أطلقت الحكومة السورية برنامجًا وطنيًا للتعافي البيئي يهدف إلى إعادة تشجير الغابات المحروقة، وتنظيف مجاري الأنهار، وتوسيع مشاريع الطاقة الشمسية.
لم يعد الحديث عن البيئة هذا العام ترفًا، بل ضرورة وطنية تمسّ حياة المواطن واستقراره، فالأرض التي نزفت في الحرب هي نفسها التي تحمل بذور الشفاء.
ولهذا يربط الرئيس الشرع بين السلام الوطني والسلام مع الطبيعة، لأن استقرار الإنسان هو الخطوة الأولى لاستقرار الأرض.
تعود سوريا اليوم إلى الساحة الدولية ليس كضحية سابقة، بل كدولة تصنع نموذجًا جديدًا للتعافي، قوامه الإنسان والأرض معًا.
من الفرات الذي شهد ميلاد الحضارة، إلى الأمازون الذي يرمز إلى التنوع والحياة، تمتد رسالة سوريا إلى العالم: إننا لم نعد نبحث فقط عن نهاية الحرب، بل عن بداية جديدة للسلام مع الطبيعة ومع أنفسنا.