الجماهير|| رفعت الشبلي…
احتضنت دار الكتب الوطنية في حلب محاضرةً ثقافية تحت عنوان “تكوين شخصية جيل Z بين دور الوالدية والمحاضن التربوية”، قدّمها الباحث الدكتور شوكت طه طلافحة، ضمن فعاليات مديرية الثقافة في حلب.
واستهل الدكتور طلافحة محاضرته بمناقشة الفجوة الرقمية بين الأجيال، مقدمًا مفهومي “المواطن الرقمي” و”المهاجر الرقمي”، وطَرَح تساؤلاً جوهريًا: “هل يستطيع المهاجر الرقمي تربية المواطن الرقمي؟”. وأوضح أن الانتشار الواسع للتكنولوجيا يبرز هذه الفجوة، مشددًا على أهمية امتلاك الأدوات اللازمة لمواجهة مشكلات العصر الرقمي.

وتناول المحاضر الخصائص المميزة لجيل Z، مشيرًا إلى أن التدفق المعرفي الكبير الذي يتعرضون له يعد “سلاحًا ذا حدين”. وكشف عن معاناة هذا الجيل من “هشاشة نفسية” وتوتر مرتفع، يعكسان تحديات كبيرة في بناء الشخصية. كما لفت إلى أن استخدامات الجيل للتقنية غالبًا ما تقتصر على الفيديو والصور والتطبيقات الترفيهية، مع جهلٍ باستخدام الأدوات الأساسية التي تخدمهم في الحياة العملية.
وأبرز الدكتور طلافحة تناقضًا واضحًا في شخصية الجيل، حيث يمتاز بوعي اجتماعي عالٍ، لكنه يعاني في المقابل من ضعف اجتماعي واضح، يظهر في اقتصار تواصله الاجتماعي على الشاشات. كما أشار إلى ظاهرتي “تضخم الأنا” والتحديات الصحية الناجمة عن قلة النوم، مما يزيد من هشاشته النفسية.

وفي معرض الحلول، شدد الباحث على أهمية “تحصين الأبناء بالمناعة” بدلاً من منعهم من استخدام التكنولوجيا، معتبرًا أن التربية الرقمية الآمنة هي الحل الأمثل. ودعا إلى إيجاد توازن بين الحفاظ على الهوية الثقافية والفكرية للجيل وبين الانفتاح على العالم الرقمي.
كما تطرق المحاضر إلى مفهوم “الفقاعات المعرفية” التي يعيشها جيل Z بسبب انغماسه في عوالم رقمية مغلقة، مما يؤدي إلى تشتت معرفي وسطحية في الفهم. وحذّر من تأثير وسائل الإعلام الحديثة في تشكيل صورة مشوهة للحياة، تعرض مشاعر الحزن والفرح في آنٍ واحد، مما يتسبب في “تبلد الشعور الإنساني”.
وفي الختام، أكد الدكتور طلافحة على أن التربية السليمة هي السبيل لتحقيق التوازن بين متطلبات الرقمنة والهوية الإنسانية، وحماية هذا الجيل من الانزلاق في فوضى العالم الرقمي.