الجماهير – عتاب ضويحي
تعيش نور جمال ذات ال30 عاماً مع فقدان البصر في تحد مستمر، متخذة منه درجة من درجات سلم التميز والاختلاف، ورغم تكسر الكثير من أحلامها على حجر الواقع المر إلا أن إرادتها بالاستمرار وتحقيق ذاتها أقوى من كل العقبات.
تروي نور حكايتها مع فقدان البصر ل”الجماهير” بالكثير من التحدي المثقل بالوجع، عندما تغيرت حياتها من فتاة عادية تلعب وتتعلم إلى أخرى تواجه قدراً كتب لها أن تصارع في سن ال14 مرض السرطان في عينها اليسرى ليتم استئصالها خوفاً من انتشاره، وتتابع مسيرة حياتها بعين واحدة تتعرض لضربة تؤدي لانفصال الشبكية وإجراء عملية تفقدها البصر كلياً نتيجة خطاً طبي تنصل الطيبب الجراح منه وكان جوابه لها اطلبي البصر من الله على حد قولها.
فقدان البصر لايعني فقدان الحلم، حكمة نور في الحياة، لذا تابعت تحصيلها الدراسي، لتنال شهادة التعليم الثانوي وتكمل دراستها في كلية الآداب قسم علم الاجتماع وتتفوق بعد معاناة وظروف صعبة، وتقدم أوراقها لقيد الماجستير بمعدل 72 بالمئة، لكن الرفض كان بانتظارها، والجواب حسب ماقيل لها أنه لايسمح للمكفوفين بتقديم رسالة الماجستير، ولأنها كانت من المتفوقين توظفت بمعهد المكفوفين لمدة ستة أشهر فقط كمرشدة وتساعد المكفوفين في الدراسة، لكن العقد لم يستمر، ما اضطرها للبقاء في المنزل والالتفات إلى هواية كتابة الشعر والخواطر، والاهتمام بهواية الطفولة خياطة وتصميم الألعاب وملابسها إضافة لتصميم ملابس خاصة لها ولبعض الزبائن، إضافة لإعادة تدوير الأقمشة والمخلفات لأشكال وتصاميم ترسمها بمخيلتها.
نور لاتتلقى أي دعم من الجمعيات الخاصة بالمكفوفين، كما أنها تحتاج لمن يرعى موهبتها ويصقل هوايتها في الخياطة وتصميم الألعاب والأزياء والحقائب ، والمشاركة في المعارض،إضافة لممارسة اختصاصها في الإرشاد بمدارس المكفوفين، لتعتمد على ذاتها وتستقل مادياً لاسيما وأن ظروفها المعيشية صعبة مع عدم وجود معيل لأسرتها.
نور ترى أن البصر في القلب، ومنه تتابع حياتها وتنصح من يعاني معاناتها أن يحول الإعاقة إلى طاقة، وأكثر مايحزنها سماع كلام الشفقة من المجتمع.
نور تمثل شريحة لابأس بها من مجتمعنا نطقت بلسان حالهم وباحت بمعاناتهم، والحياة بحلوها ومرها تتسع للجميع، ولكل فرصته، لكن هل من يسمع صوتها ويوصلها لأحلامها ويخفف معاناتها؟.