زُهيدة هورو
وفي حضرة الفن تجلى بصوته العذب بأعمال غنائية ذات إيقاع موسيقي خاص به ابتكره وبأفكاره التي ترجمها على هيئة مؤلفات موسيقية قد دونها نوتات تعزف وكلمات تغنى جعلت منه فنانا سوريا خاصا يمثل ذاكرة وذكريات الناس بما عرف عنه من عفوية أدائه الفني المتقن والرزين والذي أهله ليشكل ظاهرة فنية استحالة بأن تكرر أو تقلد. نراه غير متكلف بكل مايؤديه بابتسامته المعتادة وبإحساسه العالي متغزلا بموسيقاه ليكون المؤلف تارة والمغني تارة أخرى محاورا الوجدان وبسلاسة مايملكه من روح تعبق بجمالية الفن السوري العريق فكلما برع أثبت نفسه أكثر كفنان سوري أصيل بحضوره الفني المحبب للجمهور السوري والعربي .
القدير حسام تحسين بيك وعن رحلته بمجال الغناء والتأليف نبحر وما حملته تلك الرحلة من أسرار وتجارب فنية مهمة يطلعنا عليها ضمن حوارٍ معه .
إحساس
ومن المعروف عن تحسين بيك أنه فنان اعتمد الشمولية بكل ماقدمه من فن و باحتراف لا مثيل له , حيث امتاز بإحساسه المرهف بكل مايؤديه من حالات فنية بما فيها الموسيقا. وعن تلك العلاقة الروحية والحسية معها يقول بأنه نشأ ضمن بيئة تسودها العراقة والأصالة وقد توغل بكل مافي موسيقانا السورية وأبحر بما فيها من لحن وكلمة وبأن ذائقته الموسيقية قد تربت على كل ماهو راقٍ خاصة الغناء السوري الأصيل وما تحمله الأغنية السورية من معانٍ وتعابير سامية لذا من الطبيعي أن يفيض بداخله إلى جانب شغفه الدرامي إبداع قد خصصه للموسيقا مشكلا معها الانسجام الروحي والحسي والذي كان كفيلا ليولد النجاح الذي تفرد به بكل ماقدمه من أعمال غنائية ومؤلفات لحنية وكتابية استوحاها كما أشار من حكايا كل مافي الحياة من جوانب وتجارب والتي صاغها ألحانا تعزف وكلمات تغنى .
نتاجات غنائية
وقد لمع أسم الفنان تحسين بيك بمجال التأليف فهو مؤلف بارع للكثير من الأعمال الغنائية المهمة من حيث كتابة الكلمات وأيضا تجربته المميزة بالتلحين والتي شهدت من عبقها النجاح المبهر ولا زالت تردد ليومنا هذا بذات الشغف وكأنها تسمع ولأول مرة لإتقان ما فيها من كلمات ولحن وأداء .
ومن تلك الأغاني والتي أداها كبار مطربي سورية بالزمن الذهبي ذاكرا لنا عمالقة الفن السوري ( موفق بهجت, فهد بلان , مصطفى نصري ) وغيرهم , وأما عن البعض من تلك الأعمال الغنائية ( يا خالي , انا هويتك , جاياتني مخباية , والأغنية الوطنية الأقرب لكل وجدان السوريين لالي لالي أنا سوري آه يا نيالي ) حيث حصدت الجائزة الذهبية بمهرجان القاهرة لما فيها من صورة فنية متكاملة من حيث ماحملته من روح العزة و الحب و الولاء لبلدنا الغالي سورية .
مؤكدا بأن نجاح كل تلك الأعمال تشربه من ثقافة وتراث الفن السوري العريق والتمسك بجذوره وبالحكايا الوطنية التي تربى عليها من بطولات تذكر وعلى مر الزمان لبلدنا الغالي سورية .
نتالي
هي فصل منفرد من حياة تحسين بيك الفنية كونها صبغت بحالة حب غيرت مجرى حياته مبينا ما تحظى به من مكانة مميزة وخاصة في قلبه وروحه متابعا وصف الحال لنا
بأن مافيها من إحساس ومشاعر تلامس وجدانه وتحاكي الذاكرة والذكريات موضحا أنها كانت السبب بتغيير حياته وانطلاقته الفنية كونها حكاية عاش تفاصيلها وبأيام شبابه
مع فتاة تدعى نتالي من جورجيا هرب والدها أثناء الثورة الروسية وهم من سلالة الأمراء ونتالي وصفها بالامرأة الاستثنائية والتي لاتشبه أي امرأة
مكملا الوصف عنها هي أميرة ليس فقط بالنسب بل بكل سلوكها السامي وأخلاقها الراقية و بعد قصة حب دامت سبع سنوات وبالرغم من كل الاختلافات الموجودة بدءا من البيئة والجذور وإلى غير ذلك إلا أن تكلل حبهم بالزواج والذي وصفه بالنضال لمدة سبع سنوات لأجل ذاك الحب الخاص من نوعه مبينا بأنه رزق منها بثلاث أولاد كلهم تربوا على مبادئ تلك السيدة العظيمة نتالي والتي هي كل الحكاية بالأغنية الأشهر والتي تغنت سوريا وعربيا .
إبداعات فنية
في هذا السياق قال بأنه قدم في السنوات الماضية إحدى عشرة أغنية وذلك على مسرح دار الأوبرا بدمشق إلى جانب مجموعة من أعماله الغنائية والتي لم تكن فقط للسمع كما أشار بل التعريف بنوعية تلك الأغاني وعن المكان التي كانت تعرض وتقدم فيها، موضحا بأن أيام زمان كان المترفون من طبقات المجتمع الراقي يأتون بالمغني لبيوتهم مع الفرقة الموسيقية وأيضا هناك فئة من التجار خاصة يوم الخميس يحيون فيه حفلا يؤدي فيه المغني عدة ألوان غنائية خاصة فن المونولوج ومايلم به من فنون أخرى إلى جانب عرضه لصور من حياتنا اليومية وما نعيشه من حالات بمافيها من فرح وحزن. كل تلك الطقوس السورية الاصيلة والصور الفنية الجميلة كانت موجودة بإحدى الحقب الزمنية والتي أراد أن ينقلها تحسين بيك وبكل حب للجمهور الذواق للفن الأصيل .
مشيرا عن تجربته الغنائية أيضا بتأديته أغاني حملت معها الكثير من الحكايا ضمن عدة أعمال مسرحية مثل مسرحية شقائق النعمان و أعمال درامية خاصة بالبيئة الشامية منها إلى جانب ما أداه الفنان المخضرم (دريد لحام) من أغنية لاقت تفاعلا ومحبة كبيرة بقلوب السوريين أجمع وهي ( لولولو لو لالي الله محيي شوارعنا يا بلادنا المعمورة ) وتأديته لأغنية دراويش دراويش ضمن مسلسل الأصدقاء .
مصادفة
حيث بين لنا بأن دخوله للوسط الفني جاء من باب المصادفة
وبأنه لم يكن مخططا لذلك وكل مايقدمه هو نابع من الفطرة ولم يختص بذلك الفن كدراسة أكاديمية كاشفا عن بداياته والتي كانت كراقص ضمن فرقة للفنون الشعبية ومن ثم كلف ليكون المدرب لبعض الفرق المهمة آنذاك ( كفرقة أمية وفرقة التلفزيون السوري ) لافتا عن تشيكله لفرقة زنوبيا للفنون الشعبية. هكذا و يمر الحال إلى أن يلتقي به الفنان الكبير ( دريد لحام ) بأحد المشاهد ضمن عمل مشترك ذي طابع تاريخي بين المسرح القومي وفرقة أمية ليثني على ما رآه من إبداع وحضور فني قد شد انتباهه ليطلب من تحسين بيك أن يشاركه بأعماله القادمة
مبينا بأنه شارك لحام ضمن كل المسرحيات بصفة ممثل إلى جانب تأليفه لأعمال غنائية من حيث اللحن والكلمات وبعد كل تلك التجارب الناجحة انبثقت بداية أخرى في حياة تحسين بيك الفنية وهي انطلاقته لعالم الدراما مشكلا تمازجا فنيا مبهرا بكل ما امتلكه من إبداع و فنون .
ختام الكلام
وفي ختام حواره الشائق معنا أكد بأن سورية بلد الفن والأصالة وجمهورها هم عشاق الفن والطرب الأصيل وهناك الكثير من المواهب الفنية المهمة والتي لم تكتشف بعد ولم تر النور لأسباب معينة مشددا على إكمال رسالته الفنية وبأنه مستمر بتقديم نتاجات فنية هادفة ذات معايير عالية وعلى الأصعدة كافة وبمختلف المجالات سواء دراميا أو ضمن مجال الموسيقا من حيث الغناء والتأليف .
متمنيا عودة الأغنية السورية إلى ما كانت عليه في السابق من ألق وتألق، موجها بذلك شكره لحلب والقائمين فيها بالحفاظ على هوية التراث الحلبي الأصيل ضمن ما نمر به من حالة هي أشبه بالفوضى الفنية .
وأيضا لصحيفة الجماهير العريقة باهتمامها بالجانب الفني السوري خاصة الموسيقي منه وتسليطها الضوء على إبداعات وإنجازات ماقدم وسيقدم من أعمال موسيقية مهمة وبكافة المجالات .
»»»»»
تابع قناة صحيفة الجماهير في واتساب: