| محمود جنيد
بنغمة الفوز المدوزن على سبع مقامات اكتسح بها منتخب ميانمار ضمن التصفيات المزدوجة، عدل منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم مزاج الشارع الرياضي السوري، و نقلنا من خانة الجدل والحيرة والتوجس نتيجة التسريبات المتعقلة باللاعب محمود داهود التي أكدتها مغادرته لمقر إقامة المنتخب قبل أن يعرق بقميصه، إلى ضفة الفرح و النشوة بفوز عريض جَبّ ماقبله؛ أي التعادل الصادم في المباراة الأولى التي جمعت الطرفين.!
وكان بالأمكان الخروج بنتيجة تزيد عن العشرة اهداف حرفياً على منافس ريّض متواضع بلا حول أو قوة، لولا قلة التركيز والرعونة التي بددت فرص مواتية للتسجيل في الشوط الأول ومن بينها لعمر خريبين صاحب الهاتريك الذي احتاج لإعادة الجزاء الضائعة لتسجيل هدفه الثاني، الأمر الذي يؤكد على ضرورة تواجد مهاجم صريح صاحب خبرة ولمسة حاسمة داخل الصندوق، ونقصد عمر السومة على وجه المثال المحدد، وهو ما على ادارة المنتخب مناقشته مع كوبر، ونقول مناقشة وليس فرض رأي على المدرب صاحب الخيار، بمافيه تغليب مصلحة المنتخب على التعنت وتصفية الحسابات الضيقة.!
ظروف ماقبل المباراة على مستوى نتيجة المواجهة السابقة والأداء، فرضت على منتخبنا ومدربه التحرر من مؤطرات الهوية الدفاعية، لينطلق إلى الأمام بغية تسجيل هدف مبكر يفتح العداد، ورغم التأخر بالتسجيل حتى الثلث الثاني من الشوط الأول بتدخل الحكم المساعد الذي ثبت هدف الخريبين، إلا أن فكرة تصحيح الصورة والمسار والخروج بنتيجة عريضة استحكمت في ذهنية اللاعبين، وجاء النقص العددي في صفوف المنافس الضعيف ليجعل رياح المباراة والأهداف المطلوبة منها تسير بما اشتهت سفننا، لنصحو من كابوس المباراة الأولى نضرب أخماساً بأسداس متسائلين كيف أخرجتنا الروح الانهزامية منها بتعادل أمر من العلقم، وكاد أن يكون خسارة مفجعة.!
السبر التقييمي للأداء الفردي، يبرز فيه داليهو إيراندست الذي قدم نفسه كإضافة واعدة، وصاحب رؤية ناضجة و لمسة لافتة بتقديم التمريرات المساعدة للتسجيل، في حين كرس الويس حضوره الإيجابي على غرار العادة بنشاطه وتحكمه بالكرة وعرضياته المتقنة، وكان العجان على الموعد بهدفين وصناعة للجزاء التي جاء منها الهدف الخامس، إضافة إلى الثابت خليل الياس، ولن نتحدث كثيراً عن الخط الخلفي والحارس الذي كان متحللاً من الضغوطات.
ما نريده الآن، بعد تنقية الأجواء التي عكرتها قضية الدهود “وماخفي قد يكون أعظم!” هو مواصلة السير قدماً نحو الدور التالي من التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم وحسم التأهل إلى النهائيات الآسيوية، والمقياس الذي يمكن الركون إليه بالنسبة لمدى قدرتنا على المضي بثبات هو مواجهتنا مع اليابان، لنثبت بأن سيل سباعية ميانمار ليس زبداً رابياً، أو صدفة ساقتها حلاوة روح وردة فعل ٱنية كان للمنافس الوديع ثلثي العون عليها، بل صحوة ناجزة بعد عثرة.
سباعية الفوز على ميانمار جاءت في وقتها تماماً، لتجبر بخاطر الجمهور العاشق المحتاج للفرح، وتمتص الصدمات التي هزت الجميع قبلها، الأمر الذي يجب أن نبني عليه، لا أن نغطي من خلاله على العيوب والنواقص المخفية كذر للرماد في العيون، والتي قد تظهر بعد أدنى هزة.!