الجماهير|| محمود جنيد..
توقفت مغامرة منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم عند دور الربع النهائي، بخسارته أمام المنتخب المغربي “العالمي”، بعد أن أثبت وجوده وكرّس إرادته في دور المجموعات، من خلال ثورته على قالب التوقعات النظرية التي مزّق أوراقها، وحلّق إلى الدور الثاني، باستغلاله من حضر من أسماء، وفي ظل الظروف والإمكانات المتاحة التي قادها الإسباني خوسيه لانا.
لم يكن “الأخضر” السوري لقمة سائغة لفم “أسود الأطلس” في ربع النهائي كما توقع الغالبية، وكان بالإمكان مواصلة عروض المفاجآت، كما فعل أمام تونس وصيف النسخة الماضية، وقطر بطل آسيا والمتأهلين إلى نهائيات كأس العالم، لو تحلّينا بالثقة والمبادرات الهجومية، تحديداً في الشوط الثاني الذي تأخرت فيه تبديلات المدرب من وجهة نظري. فقد كان بإمكان البدائل الديناميكية مثل الدهان والسامية، أن تُقدّم عنصر المفاجأة وتصدم المغاربة المستنزفين، دون أن يجدوا السبيل إلى شباكنا. بينما كان الإمعان في التقوقع والتراجع سبباً في مواصلة الضغط على مرمانا وتلقي هدف الخسارة.
تجربة منتخبنا في كأس العرب، مع الروح الـ”غرينتا” التي أظهرها لاعبوه، يمكن البناء عليها للحاضر والمستقبل، مع لانا تحديداً، بإثراء عناصر كأس العرب بمن يستحق ارتداء القميص الأخضر من المغتربين. وخلف الجميع يقع على عاتق اتحاد الكرة مسؤولية التخطيط وتهيئة الظروف، لإخراج الكرة السورية من قمقم التخلف، لاسيما مع الفرصة التي وفرها رفع عقوبات “قيصر”، وتحرير الأموال المجمدة لدى الفيفا.
الأهم من كل ذلك، أن المنتخب الوطني قدَّم برهاناً رياضياً على معادلة سياسية إنسانية عميقة: كرة القدم قادرة على توحيد خريطة السوريين الباحثين عن بصيص فرح، وجمعهم تحت راية واحدة. لقد جمعتهم حماسة مشتركة، وحب صادق، وثقة بمن يمثلهم.
انتهت المباراة، لكن المعركة الأكبر قد بدأت للتو: معركة البناء على رمزية هذا الإنجاز، وتحويل الطاقة العاطفية إلى برنامج عمل مؤسسي. الطريق طويل، ولكن الاتجاه واضح لأول مرة منذ سنوات طويلة.