ملاعب العشب الصناعي مالها وما عليها .. متى نعيد تأهيل ملاعبنا .؟

الجماهير – محمود جنيد

لن تنهض وتتطور كرة القدم لدينا بدون ملاعب صالحة ، في ظل واقع تظهر فيه ملاعبنا خضراء الاسم صفراء اللون.. ولا تصلح إلا في أنشطة أخرى مثل منافسات الفروسية وألعاب التيليماتش وبالتالي فهي مؤهلة لاحتضان أكثر من نوع من الأنشطة الرياضية و ليس من بينها للمفارقة كرة القدم التي أنشأت من أجلها …!
والسؤال الذي يطرح نفسه هل يعقل أن تظل مدينة مثل حلب وتعتبر معقلا من معاقل الكرة السورية بلا ملعب عشب طبيعي يحتضن المنافسات الرسمية ، حيث تقام مباريات دوري الدرجة الممتازة لكرة القدم على أرضية (ملعب السابع من نيسان) التي ليس لها أي هوية فلا هي تارتانية ولا عشبها له علاقة بمواصفات العشب الصناعي وهي للحد من فنيات اللعبة ووجع المفاصل و الإصابات.
وهنا تتحول التساؤلات لتصب في ملعب الحمدانية الذي ينتظر الجميع افتتاحه بعد إنجاز الإعمال المدنية بعد أن أصبحت الأرضية جاهزة مع الحاجة لبعض الرتوش .
حلول خبر كان ؟
إذاً ملاعب العشب الطبيعي بحلب ضرورة وحاجة ملحة ، و هذا يدعونا لمخاطبة الجهات المعنية بضرورة الإسراع بإنجاز مناقصة عقد الأعمال المدينة في ملعب الحمدانية هذا من جهة ، و إيجاد صيغة لتأهيل أرضية ملعب رعاية الشباب بالتشاركية بين وزارة التربية و الاتحاد الرياضي ووزارة الإدارة المحلية ( لجنة إعادة الإعمار ) ليكون الرديف الجاهز سواء للتدريبات أو الأنشطة ، إلى جانب إعادة تأهيل استاد حلب الدولي ؛ هذا في الوقت الذي باتت فيه ملاعب العشب الصناعي تنتشر مثل النار في الهشيم وكأنها الخيار الاستراتيجي الأوحد لحل مشكلة الملاعب ، علما بأن ملعب السابع من نيسان سيدخل عاجلا أو آجلا في طور مشروع إعادة فرش أرضيته بالكامل بالعشب الصناعي في ظل عدم صلاحية الأرضية الحالية المرقعة ، ونفس الأمر يحتاجه ملعب الحمدانية التدريبي الذي شهدنا وفي أحد الأوقات وجود أربع فرق تتقاسم المران على أرضيته ، ناهيك عن ملاعب الأكاديميات الكروية الخاصة الرائجة هذه الأيام و الملاعب الأخرى المتنامية كمشاريع رابحة مادياً وتوجه الأندية للمشاريع المماثلة تحت بند الاستثمار ومنها نادي الحرية وقبله الاتحاد لحل مشكلة الملاعب و أماكن التدريب وكل تلك الملاعب من النوعية الصناعية العشب دون الالتفات إلى الآثار السلبية و المخاطر الممكنة لهذه الملاعب .
ما دعانا لفتح هذا الملف ، هو الشكوى التي تناهت إلى مسامعنا من قبل عدد من اللاعبين بسبب الآلام المبرحة التي تسببها أرضية ملاعب العشب الصناعي.
ولأن الجيل الناشئ يعتبر أولوية الحاضر و المستقبل المشرق الذي نتطلع إليه فلابد من البحث و التدقيق بشأن ملاعب العشب الصناعي التي يتدرب عليها النشء الكروي وقد تصبح الأرضية الوحيدة التي سيمارس عليها الناشئون تدريباتهم و أنشطتهم على المدى الطويل .
الأضرار المحتملة للعشب الصناعي.!
الاختصاصي بالطب الرياضي و العلاج الفيزيائي أحمد كنجو بين أن أضرار الملاعب الصناعية تتراوح بين البسيطة و المعقدة مثل الكشوط الجلدية أو السحجات نتيجة تلامس الجلد مع العشب وقد تسبب التهاب بالجلد قد يصعب علاجه وممكن أن يصل ضرره إلى إبعاد اللاعب عن الملاعب أو إضعاف مردوده نتيجة الخوف من الكشوط الجلدية ، و بين كنجو بأن العشب الصناعي يسخن وترتفع درجة حرارته أكثر بكثير من العشب الطبيعي ، ما يؤدي الى ارتفاع درجة حرارة الملعب مما يؤدي الى فقدان اللاعب كمية كبيرة من السوائل وارتفاع درجة حرارة اللاعبين ومشاكل في التنفس و القلب و إحساس اللاعبين بالتعب بشكل سريع ، وذلك فضلا عن مشاكل وآلام أسفل الظهر و الشد العضلي في عضلات الساق و العضلات الخلفية والتهاب العضلات المقربة للفخذ وأذية الأربطة لدى الحركات الالتفافية و المفاصل وخاصة مفصل الركبة ، والتي يعاني منها اللاعبون اللذين يمارسون اللعب على العشب الصناعي أو الأرضيات الصلبة التي لا تكون مطواعة ولا تتوفر فيها المرونة مثل النجيل الطبيعي .
أحد الحلول ..


من جانبه الأكاديمي الرياضي و المدرب محمد ديب دياب يرى بأن ملاعب العشب الصناعي تمثل حلأ من الحلول لمشكلة الملاعب ، و لفت دياب إلى أن العشب الصناعي أنواع وله عمر ومدة صلاحية معينة ، و ليس مثل عشبة الملعب البلدي بحلب غير الصالحة وكان بحاجة كما الحال بالنسبة لعشب ملعب الحمدانية الصناعي الذي تتدرب عليه الفرق إلى التغيير أكثر من مرة مع ما يتخلل مراحل الفرش من معالجة وتمشيط وسقاية وإضافة حبيبات كلما قلت .
وأشار دياب الذي يعمل كمشرف ومدرب في إحدى الأكاديميات الكروية الخاصة المحدثة بحلب والتي تستخدم أرضيات العشب الصناعي، بأن النجيل الصناعي الذي نتحدث عنه ونبحث في آثاره ومخاطره الافتراضية أصبح من الحلول العالمية حيث استخدمت في بطولة العالم الأخيرة لكرة القدم في روسيا 2018 أربعة ملاعب من العشب الصناعي بعدما أثبتت جميع الدراسات العلمية بأنه صالح للاستثمار الرياضي، فضلا عن أن أكاديمية “اسباير” الشهيرة التي تستخدم مجموعة من ملاعب العشب الصناعي.
ونفى رئيس دائرة التربية الرياضية السابق بحلب بأن يكون للعشب الصناعي أي تأثير سواء من الناحية الصحية أو الفنية على اللاعبين من وجهة نظره ، مشيراً إلى أن العشب الطبيعي يحتاج إلى أحذية خاصة ( سكارات ) وممكن أن يتعثر فيها اللاعبون الصغار وتسبب الإصابات لهم ، و أضف إلى ذلك مشقة العناية الدائمة و المركزة التي يحتاجها العشب الطبيعي وعدم قدرة ملاعبه على استيعاب أكثر من ثماني ساعات تدريب أسبوعيا .
اشتراطات أرضيات العشب الصناعي!
من جانبه مدرب فريق شباب الاتحاد لكرة القدم خالد عريان وضع اشتراطات لإعطاء أرضيات العشب الصناعي صفة الإيجابية ومنها أن تكون من النوعية الجيدة و الصالحة للاستثمار الرياضي الآمن كون هناك نوعيات رديئة من العشب الصناعي التي تسبب المشاكل الصحية و البدنية الكبيرة للممارسين .أما الكارثة الكبرى كما وصفها المدرب عريان و التي تسببها ملاعب العشب الصناعي بالنسبة للاعبي فرق الرجال و الشباب التي تضطر للممارسة التدريبات في الفترة التحضيرية للمواسم الكروية و التي قد تمتد لما يزيد عن الشهرين ويكون فيها أحمال تدريبية تتراوح بين العالية و العالية جدا وهنا يمكن على مستوى وعطاء اللاعب و ازدياد خطر الإصابات و بالتالي يضيف العريان بأن الفترة التحضيرية على ملاعب العشب الصناعي تعتبر كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى و الحل يمكن بتأمين ملاعب عشب صناعي إلى جانب ملاعب عشب صناعي من النوعية الممتازة حيث يمكن الاستفادة منها خلال فصل الشتاء وموسم الأمطار كبديل لملاعب العشب الطبيعي في هذه الفترة للحفاظ على ملاعب العشب الطبيعي وجاهزيتها .


قصارى القول:
ومن خلال ما سلف من آراء فقد أصبحت ملاعب العشب الصناعي أشبه بالأمر الواقع وأحد الحلول لمشكلة ملاعبنا الجرداء ونقص أماكن التدريب في ظل العجز عن إيجاد الحلول الناجعة لمشكلة الملاعب ، فضلا عن كون وجود و انتشار ملاعب النجيل الصناعي بشكل متسارع وواسع وعلى مساحات جغرافية متعددة قد يفيد بتوسيع انتشار قاعدة الممارسة للعبة ، لكن ذلك يحتاج إلى تفعيل الرقابة غير القائمة وإيجاد الحلول من قبل الجهات المعنية لمشكلة الملاعب تبعا لوجود شبهات لأمراض خطيرة يسببها العشب الصناعي ، ومن ناحية أخرى التشديد على جودة ونوعية العشب قبل المصادقة على تراخيص تلك الملاعب وخاصة المستثمرة في الأندية الرياضية . ويبقى السؤال الأخير: ماذا عن أرباب الأمر الرياضي وهل لديهم فكرة عن ظاهرة ملاعب العشب الصناعي أو أي فكرة عن مخاطرها المحتملة ، وهل هناك دراسة معمقة للموضوع ومعايير موضوعة ومراقبة . ؟!!!
رقم العدد 15656

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار