الأحمر يغطي أسطح الأبنية السكنية…الصيف فصل (المونة) والاقتصاد المنزلي

الجماهير ـ مصطفى رستم

يواظب أهالي حلب وسط حرارة الطقس المرتفعة هذه الأيام على ممارسة تقليد سنوي في كل موسم صيفي، دفعهم وفرة المنتجات الغذائية هذا العام إلى زيادة كمية (المؤنة) وتخزينها لفصل الشتاء القادم.
وفي حين ترتفع حدة أسعار الأسواق الزاخرة بكل الأصناف المتوفرة والمتدفقة من الأرياف أو من خارج المحافظة ترتفع معها حدة الشمس الحارقة التي تناسب صناعة ما درج على تسميته (المونة)، ويسارع معها الحلبيون على الأسواق لشراء مؤنهم السنوية تاركين لنفسهم فُسحة من الوقت حتى يتمكنوا من اختيار الأفضل بأسعار تناسب دخولهم المحدودة من سوق الخضار (الهال) أو من بائعي الجملة.
على السطوح
(دبس البندورة) المادة التي دشنت بها العائلات الحلبية مؤنتها هذا العام، وغطت بها أسطح أبنية الأحياء الشعبية بأوعية ممتلئة بعصير البندورة، وبلونها الأحمر فاتح اللون تمثّل مادة غذائية محبّبة لأهل المدنية، وتتحول إلى لون داكنٍ بعد تعريضها عدة أيام داخل قدورٍ واسعة مستقبلة حرارة الشمس المرتفعة.


ولم تتوان أم رضا ـ ربة منزل من الصعود إلى سطح البناء المرتفع ضاربةً عرض الحائط بمشقة الوصول إلى (سطوح) يتزاحم به الصحون اللاقطة مع خزانات الماء والمازوت، ورغم كبرِ سنها تركت لنفسها الوقت في فترة ما بعد الظهيرة وفق ما قالت من ضرورة تحريك عصير البندورة الذي أنتجته داخل أوعية كبيرة بعصا المطبخ الخشبية “المونة هذا العام من عصير البندورة وفير، سيكون ممتعاً أن تشاهد عملك من مخزون هذه المادة في فصل الشتاء”.
– الصناديق البيضاء
من جانبه رسم “جمال الحاضري” ابتسامة عريضة حين شاهد صناديق البندورة الحمراء التي اشتراها توّاً بجانب إحدى الآلات المتخصصة بعصّر هذه الفاكهة الحمراء يرتقب دوره حتى يشاهد عصير ما يقارب (10) من صناديق البندورة بعد شراءها من بسطة كبيرة ممتلئة معها صناديق بيضاء مصنوعة من مادة الفلين والمتعارف عليه بـ (الفلينة) يحملها الصناع إلى الآلات لعصرها وسط ازدحام وحركة تبدأ مع ساعات الصباح الأولى وحتى غروب الشمس.
ويشتهر أهالي حلب بحرصهم على انتاج مواد (المؤنة) بكل أنواعها ومنها عصير البندورة إلى جانب مواد أخرى مثل (البامة، الملوخية، وورق العنب وغرها) ومن الفاكهة يمكن أن يموّن (المشمش، الكرز، وغيرها) صانعين منها (المربى) بعد إضافة السكر.
عصير البندورة الأشهر والتي تحتاج إلى جهد أكبر لم يتوقف انتاجها سنوياً سوى في سنوات الحصار قبل سنوات حيث عانى وقتها الأهالي من ارتفاع كبير وغير مسبوق لأسعار المنتجات الغذائية والزراعية وعدم توفرها بالمدينة ووصولها و اعتمدوا على عصير البندورة المصنوع آلياً أو المسمى (الجاهز) والمنتج من الشركات .
– الاسواق والمؤونة
تقول احدى السيدات ـ ربة منزل:
“يمكنك مشاهدة الفرق الشاسع والكبير بين جودة دبس وعصير البندورة المصنوع يدوياً وبين ما تصنعه الشركات أو الجاهز حيث تشاهد الكثير من حالات الغش التي تحدث والتي تخالف وبلا شك مواصفات الجودة والسلامة الغذائية ومن احدى الحالات شاهدت بأم العين خلطاً لمادة قشور البطاطا ومواد أخرى دخيلة للبندورة”.

تتراوح أسعار شراء البندورة مع عصرها بين 70 ليرة سورية إلى 80 ليرة وينخفض السعر في حال يجري شراء البندورة وعصرها في المنازل والبيوت يدوياً، ويقول “عبد القادر” صاحب إحدى الآلات التي تقوم بعصر البندورة أنه يحاول عبر آلته تقدم خدمة مناسبة يساعد بها ربات المنزل ويخفف عنهم أعباء ومشقة الجهد بالعصر اليدوي.
وهكذا يساهم عصير البندورة بجانب بقية مواد المونة المتعددة الأخرى بالاقتصاد المنزلي التخفيف من الأعباء المالية التي تترتب على العائلات من جراء شراء المواد الغذائية من المونة بأسعار مضاعفة في فصل الشتاء، مع ما تبذله ربات المنازل والسيدات من جهد كبيرٍ ومضاعف ينالون ثمار هذا العطاء في أوقات فقدان هذه المواد الغذائية لتبدو أشبه بالكنوز تزين معها مائدة المطبخ الحلبي.
رقم العدد ١٥٧٤٢

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار