معامل القطاع العام للغزل والنسيج تقلع من جديد بجودة ومنافسة عاليتين .. حمادي : الحاجة إلى تحديث بعض الخطوط وتبديل الأنوال القديمة ونقص الخبرات
الجماهير – سهى درويش
عاصمة الاقتصاد السوري ومدينة الغزل والنسيج العريقة نفضت غبار سنوات الحرب الإرهابية الممنهجة وأعادت هدير بعض معامل القطاع العام من بين الركام والأنقاض بإصرار وتحد على الإنتاج ولو في ظروف صعبة، فلا يخفى على أحد الأضرار الكبيرة التي تعرض لها القطاع النسيجي في هذه المدينة والخسائر الفادحة بعد أن كان من أهم القطاعات الإنتاجية الصناعية وقيمة مادية مضافة للناتج.
ولكن إرادة العمل والحفاظ على مؤسساتنا الإنتاجية بأيدي عمالنا استطاعت أن تزيل العقبات وتبدأ العمل.
وللحديث عن إقلاع معامل الغزل والنسيج في مدينة حلب والاطلاع على واقعها وخططها وإمكاناتها التقينا مدير عام شركة الشهباء العامة للمغازل والمناسج عبدو حمادي المكلف بإدارة مؤسسات الغزل والنسيج والذي أوضح بداية أن التدمير الممنهج الذي تعرضت له منشآت النسيج قدرت خسائره بعشرات المليارات، حيث أصبحت منشآت الألبسة الجاهزة أثراً بعد عين، بالإضافة إلى سرقة آلات ومعدات قديمة وحديثة لم يمض على وضعها في الخدمة أكثر من عامين.
وهذا الأمر استنفد منا الوقت الطويل والتأخر في موضوع النهوض وكان الإقلاع من الصفر من خلال الفنيين والخبرات الموجودة حيث بدأنا العمل منذ النصف الثاني لهذا العام بالتشغيل ضمن الإمكانات المتاحة.
وعن آلية العمل أوضح مدير عام الشركة بأنه يتم تشغيل خطوط عدة بمئة وعشرين آلة للخياطة بالإضافة إلى القص وغيرها من مستلزمات العمل لتشغيل الغير بأسعار مقبولة وجودة عالية.
معوقات العمل وخطط مستقبلية لتجاوزها
على الرغم من توجه جبهات العمل نحو منتجات القطاع الخاص إلا أن هناك العديد من المعوقات التي تعترض سير العمل حسب ما أوضحه السيد حمادي من نقص في اليد العاملة وحاجة شركات النسيج إلى تحديث بعض الخطوط وتبديل الأنوال القديمة ونقص الخبرات كل ذلك يتسبب في تأخر الإنتاج بشكل كبير.
وكان يعمل في شركات النسيج الأربع حوالي ألفي عامل وحالياً لا يوجد سوى أربعمئة عامل إضافة إلى ضعف التمويل المادي وعدم توفر مستلزمات الصناعة التي تساهم في إنتاج متكامل كالطباعة والصباغة والأهم عدم وجود موازنة مستقلة وتأمين المستلزمات يتم ضمن المتوفر دون الاعتماد.
وحتى مشروع الملابس الجاهزة كان ضمن الخطة الإسعافية بمبلغ 65 مليون ليرة للإقلاع به.
ومن الخطط المقررة خلال خطة عام 2020 أوضح حمادي أن هناك دراسة اقتصادية لدمج شركات النسيج في مجمع صناعي واحد بدءً من مرحلة الغزل حتى الألبسة الجاهزة ويتم إعداد الجدوى الاقتصادية لعام 2018 بتكلفة تقديرية بـ140 مليون دولار وحالياً يتم تجهيز دفاتر شروط خاصة لطرح الموضوع قانونياً.
أما بالنسبة إلى موضوع اليد العاملة فهناك خطة لتعيين 60 عاملاً للخياطة إضافة لدراسة إمكانية إعادة المتسربين من العمل.
والعمل يجري لتشغيل صالة التطريز التي افتتحت مؤخراً في حي الأشرفية كون المنطقة فيها ورشات خياطة وتتطلب وجود آلة تطريز ومن الممكن تشغيلها بما يوفر مردوداً اقتصادياً للشركة ويسهم في تأمين حاجات القطاعين العام والخاص.
كذلك تم العمل على تشغيل صالة السريان القديمة للترويج لمنتجات شركات الغزل والنسيج في سورية بالإضافة إلى دراسة إعادة تأهيل صالة السبع بحرات كي توفر المنتج وتعرضه.
جولة في صالة العمل
استطلعنا الواقع من خلال جولة في صالة الشركة حيث الآلات والعمال في حالة عمل متكاملة واللافت هو الرغبة بعدم العودة إلى الوراء فمعظم من التقيناهم أكدوا أنهم سعداء بعودة الإنتاج لهذه الشركة كونها الضامن الوحيد لاستقرار معيشتهم على الرغم من انخفاض الدخل مقارنة بالقطاع الخاص، إلا أن الراحة النفسية والمعيشية لم يشعروا بها إلا داخل معاملهم ووراء آلاتهم. وهو ما أكده السيد المدير الذي ثمن جهود العاملين وطلبهم المستمر بعدم التوقف عن العمل.
واللافت أيضاً في ضمن جولتنا هو جودة وتقانة التصنيع بما يبشر بعودة هذه الصناعة إلى ألقها.
صالة البيع في السريان
وللوقوف عند الإقبال على شراء المنسوجات من شركات القطاع العام التقينا مدير فرع صالة البيع للألبسة القطنية في السريان أنس أبو علي الذي أكد أن الإقبال كان ملفتاً للجميع حيث أن الطلب على منسوجات القطاع العام ما زال ملحاً.
فمنذ افتتاح الصالة خلال الأشهر الماضية هناك معدل وسطي بمبلغ 30 ألف ليرة يومياً وفي بعض الأيام يصل البيع إلى 100 ألف ليرة على الرغم من ضعف الترويج لعودة الألبسة والمنسوجات إلى القطاع العام وعدم توفر حاجات الصالة دائماً من المصدر.
فالطلب المتزايد على المنتجات من ألبسة خارجية وداخلية يتطلب زيادة في الوارد إلى الصالة.
لا شك في أن المؤامرة القذرة استهدفت قطاعنا العام وتحديداً شركات الغزل والنسيج من سرقة لبعضها وتدمير لبعضها الآخر مما أدى إلى توقف عجلة الإنتاج لسنوات إلا أن العمل جار للاستفادة من الإيجابيات وتلافي السلبيات لإعادة دوران الآلة.
ما شهدناه من خلال لقاءاتنا وجولتنا في معمل النسيج يدفعنا إلى التفاؤل بعودة النبض إلى شريان الصناعة السورية ليصبح أفضل مما كان عليه، فاليد العاملة وكافة المعنيين لديهم الهمة والإصرار على العمل والمنافسة.
وما نتمناه هو الارتقاء بهذا القطاع لما يملكه من إمكانات ودعمه بشكل أكبر ليعود بريقه ويكون رافداً أساسياً للاقتصاد في مرحلة إعادة الإعمار.
رقم العدد 15837