الشهيدة القديسة بربارة وعيدها المبهج

الجماهير- بيانكا ماضيّة
لعيد القديسة بربارة فرح وسعادة في النفوس، إذ تحفّه الطقوس والمسرّات، وهو عيد مقدس في الكثير من المدن والأرياف السورية وغير السورية، يحتفل به في ليلة الثالث من كانون الأول، فتجتمع العائلات والأقارب ابتهاجاً وفرحاً بهذا العيد، ويتنكّر فيه الأطفال والشباب بالوجوه والألبسة التنكريّة لما لهذا التنكّر من رموز ومعان في هذا العيد.
كنا صغاراً، وكنا نرتدي الثياب التنكريّة، على أشكالها المختلفة، وننطلق إلى بيوت الأصدقاء والأقارب والجيران، لكي نعيّدهم بعيد البربارة.
لم يكن هذا العيد بالنسبة إلينا وقفاً علينا نحن المسيحيين، إذ كان أصدقاؤنا المسلمون يعيّدون معنا أيضاً، ندعوهم لمشاركتنا هذا العيد فيلبسون الثياب التنكريّة ويحتفلون معنا.
أمهاتنا منغمسات في تحضير المأكولات والأطعمة، وأهمّها (السليقة) المضاف إليها اليانسون، والقرفة، والسكر، والمكسّرات والرمان والشموع التي نشعلها ونبدأ بترديد: (قديسة بربارة عند الرب مختارة، أبوك هالكافر عبّاد الحجارة، سلقنالك سليقة ليش ماجيتي أكلتي، شعلنالك الشمعة ليش ماجيتي طفيتي…إلخ).
أذكر حين كنا طلاباً في الجامعة، دعونا أصدقاءنا إلى هذا العيد، الذي سآتي على معناه بعد أن أقصّ ما جرى معنا عام 1989 على ما أذكر، يومها انطلقنا، نحن (شلّة الأنس) في سيارة أحد الأصدقاء، متنكّرين، وعند شارع رعاية الشباب رأينا الفنان سلوم حداد وخطيبته، نزلنا من السيارة وركضنا باتجاههما فما كان منهما إلا أن ركضا باتجاه إحدى البنايات وتوارى عن أنظارنا.. كنا يومها نبتغي معايدة الفنان سلوم بطريقتنا ولكنه فرّ هارباً.
تلك الأيام بحلوها نستعيدها مع الأصدقاء ونضحك على ما كنا نقوم به من مشاغبات، كنا في مقتبل العمر وروح الشباب تدبّ فينا، وكانت تلك هي السنة الأخيرة التي تنكّرنا فيها، إذ إن هذا العيد للأطفال الصغار أكثر منه للكبار، خاصة أنهم يفرحون باحتفالهم به عبر ارتدائهم الوجوه التنكرية والأزياء التي تناسب الشخصية التي يجسّدونها، حسب اختيارهم لها.
أما قصة الشهيدة القديسة بربارة فهي كالآتي، كما جاء في بعض المواقع الالكترونية:
ولدت بربارة في أوائل القرن الثالث للميلاد في مدينة “نيقوميدية”، وكانت الابنة الوحيدة لوالدها “ديوسقورس” الوثني المتعصّب الذي اشتهر في قومه بالغنى الفاحش والجاه، وقسوة القلب، وبكرهه ومحاربته للمسيحية. وكان يعمل في خدمة الوالي قائداً لجيشه. أما بربارة فقد عرفت منذ صغرها بجمالها وحسن أخلاقها وتواضعها وحبها للناس. وخوفاً عليها بنى لها والدها برجاً عالياً، وأقام حوله الحراس واحتجزها فيه، ثم وضع تحت تصرّفها كل ما تحتاجه من أطعمة وألبسة ووفر لها الأساتذة البارعين؛ ليعلموها أنواع العلوم اللغوية والفلسفية والتاريخية. وكان بين خدامها بعض المسيحيين الذين شرحوا لها أصول الدين المسيحي وأخبروها عن العالِم الكبير في ذلك العصر ويدعى أوريجانوس، فكتبت إليه ليساعدها في التعليم، وأرسل إليها كتاباً مع تلميذه فالنتيانس، الذي تمكن من الدخول إلى القصر، وشرح لها حقائق الإيمان المسيحي. وبسرعة فائقة تعمّقت أكثر في الديانة المسيحية ونالت على يده سرّ العماد المقدس. وكانت تواظب دائماً على الصلاة والعبادة ممّا زاد في نفسها الاحتقار للأصنام الوثنية التي كانت تملأ أرجاء القصر.
اغتنمت بربارة فرصة غياب والدها في أحد أسفاره، فحطمت تلك الأصنام المنتشرة في جوانب القصر، مما أثار غضب والدها عند عودته فأوسعها ضرباً. وعندما عجز الحاكم عن إقناعها بكل ما قدمه لها من إغراءات، استشاط غيظاً وغضباً وحقداً، وأمر بضربها وتعذيبها وجلدها بأمشاط كالسكاكين، وقادها عارية أمام الجماهير، وهي مثخنة بالجراح. ولكنها، ولشدة إيمانها بالسيد المسيح طلبت من الطفل يسوع أن يمدها بالقوة ويستر لها عريها حتى لا يهزأ الناس منها، ومن ثم أعيدت بربارة إلى سجنها المظلم. وفي اليوم الثاني قادوها أمام الحاكم وكم كانت دهشة الناس عظيمة حين رؤوها بكامل صحتها، ونسب الوالي شفاءها إلى آلهته. فقال لها:” انظري كيف استطاعت الآلهة أن تحميك” فأجابته: “لو كانت لأصنامك حياة لاستطاعت أن تحمي نفسها في اليوم الذي حطمتها في قصر أبي، الإله الحي هو الذي ضمد جروحي”. فاستشاط الحاكم غضباً وطلب من جنوده أن يقطعوا رأس بربارة بعد جرّها في الشوارع عارية، فطلب منه والدها أن يأذن له بقتلها بيده، فسمح له بذلك. فقادها أبوها إلى خارج المدينة، وعندما وصل إلى قمة الهضبة، جثت بربارة على الأرض، وضمت يديها إلى صدرها على شكل صليب، وحنت رأسها. فتناول أبوها الفأس وقطع به رقبتها، فهوت. وبعد ذلك تسلّم رجل مسيحي جسد بربارة ونقله إلى القرية، حيث دفنها بكل وقار واحترام، تقديراً لعذابات هذه الشهيدة القديسة وتعذيبها، وحينها انصب على أبيها غضب الله إذ أظلمت السماء وتكاثفت الغيوم وسقطت عليه صاعقة أحرقته وأحرقت مركيانوس الحاكم الظالم معه، وذاع صيت بربارة بين الناس وكثرت العجائب التي نالوها بتضرعاتهم إليها واتخذوها شفيعة لهم وخاصة في أمراض العيون واشتداد الصواعق الخطرة وشيّد على اسمها كثير من الكنائس في العالم.
رقم العدد 15879

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار