بيانكا ماضيّة
من كوّة في البابِ الخشبيِّ الكبيرِ الذي يوحي لونُه إلى زمنٍ موغلٍ في القدم، كان الصبيُّ يتلصّص على باحةِ المنزل. كانت رائحةُ زهرِ الليمون تفوحُ من هذه الكوّةِ، فيعبئُ الصبيُّ رئتيه منها حتى تكاد هذه الرائحةُ تسكرُه، فتغيّبُه عن الوعي..
بعد زمنٍ ليس ببعيدٍ وجدتُ أن الرائحةَ لم تكن وحدَها هي ما يجعل الصبيَّ كلَّ يومٍ يرمقُ تفاصيلَ البيت من الداخل! فالنافذةُ المطلّةُ على باحةِ الدار هي التي كانت تسرقُ أنظارَه؛ فخلفَ النافذةِ جدائلُ صبيّةٍ، ما إن تُفتح درفتا النافذة، حتى تحرّكُها نسماتُ الربيعِ الدافئة، فتُسكر الصبيَّ وتغيّبه عن وعيه.
رقم العدد 15884