الجماهير /رفعت الشبلي
عازفة البيانو أليسار بصمه جي ابنة حلب ، نشأت في كنف عائلة علمية وأدبية مزجت الهندسة والأدب لتصقل فيها موهبة و إرثاً ثقافياً ميزها بسنوات الدراسة الجامعية لتكون المتفوقة الأولى بكلية الفنون الجميلة بفرع ” تصميم الأزياء” فهي ابنة الأديبة و الشاعرة وفاء شربتجي ، والمهندس المعماري محمد زياد بصمه جي .
حلمها أن تخط بأناملها أجمل معزوفاتها ” حكاية روح ” على مسرح دار الأوبرا بدمشق و تحلق في سماء عالم الموسيقا متفردة عن عازفات الموسيقى بحلب كونها عازفة بيانو ” مميزة ومتمكّنة”
تضيف قائلة : “عائلتي عموماً ووالدتي خصوصاً هم من شجعوني على العزف منذ أن كان عمري 3 سنوات .. ،كان إحساسي أني أطير .. عند سماع الموسيقى الملتزمة البعيدة عن الصخب والعولمة.. ومع الأيام أصبحت آلة البيانو معشوقتي الأولى ، خصوصاً حين كنت أرى أخي طارق كيف يعزف معزوفات عالمية لبيتهوفن و ياني وشوبان و غليدر مان، وأنا أقدم رقصات الباليه على إيقاع نبضها.. مثلما تعلمت في معاهد الباليه بطفولتي..
كنت أقفُ بإصغاء و بصمت مستمع، و أشاهد أخي كيف يحرك يديه بتمعنٍ ، كي أملأ ذاكرتي السمعية من تلك الموسيقى التي تلامس الروح “.
و لم تقف مواهب أليسار عند ثقافتها كانت تبهر بحركة الأصابع على البيانو ، فتنتظر طويلا حتى يخرج الأهل من البيت – كما تقول – لترتجل ما يدور بذهنها من نغمات ، في إحدى المرات بعد خروج أهلها من المنزل و لمدة 5 ساعات حاولت العزف فنجحت حينها بعزف أول أغنية أجنبية كانت من خارج المنهاج الموسيقي في المعهد الذي اقتصر على المقطوعات الغربية ، حيث قامت بعزفها بشكل سماعي بدون حاجتها لنوطة …
شعرت أنها تطير فرحاً من هذا الإنجاز والذي تعتبره الأول لها بعمرها الصغير .
هي التي درست في معهد حلب للموسيقى وتخرجت منه بمعدل جيد جداً ، إلا أن ظمأها في الموسيقى من الصعب إطفاؤه حيث تقول : ” بالنسبة لي الموسيقا عشقي الأول والأخير ، مثلما الإنسان بحاجة إلى طعام و شراب .. فأنا بحاجة يومية إلى الموسيقا “.
ذاكرة سمعية شرقية
لم تكتفِ بصمة جي بدراستها الموسيقى الغربية فحسب، إنما بدأت بتعلم بعض المقامات الشرقية سمعياً.. فباتت متمكنة من تمييز المقامات ببراعة وبفترة زمنية قصيرة ، فباتت تقول لأي عازف معها ” انتبه هذا مقام البيات لا يعزف على البيانو ، لأنه يحوي ربع بُعد ، و البيانو يعزف فقط أنصاف الأبعاد ” ، ثم أوضحت : لدي مؤلف موسيقي وضعت فيه بصمتي اسميته ” حكاية روح “، جسدتُ فيه حكاية نصر و فرح ” فكل من يسمع المعزوفات في “حكاية روح ” يستطيع أن يسمع كيف الأنامل تتكلم لتشرح واقع وألم كل إنسان لديه أعباء كبيرة على كاهله.. وأضافت ” بعزفي بت أشعر أنني أوصل الرسالة إلى كل إنسان و هذه قمة السعادة ، فقوة الموسيقى أن يفهمك الغير بدون كلام .
و عند السؤال كيف تستطيع أن تنظم وقتها ؟ أجابت : ” لا أتأخر عن طلابي أبداً ، بالرغم أنني أعمل بدوام طويل يستمر 9 ساعات إلا أن وجود البيانو في مكان العمل يجعلني ممن يتكيف مع الواقع فأنا أخصص نصف استراحتي أثناء العمل للعزف لزملائي و بحكم عملي التقيت عدداً من الشخصيات الفنية من عرب و سوريين أثناء تواجدهم في الفندق الذي أعمل به وأن أعزف معهم على البيانو ويرافقوني غناءٌ أو عزفاٌ على آلة ثانية ” الكمان مثلاً “.
أغاني فيروز و الزمن الجميل هي من يجول دائماً في ذاكرتي السمعية ” أحب أن أعزف أغاني فيروز وبعض الأغاني التي تعود للزمن الجميل … إضافة لإعجابي بموسيقى وصوت مروان خوري والقيصر كاظم الساهر ، وألحان عمر خيرت ” .
وأشادت في ختام حديثها بوجود ” فرسان الفن والطرب بمدينة حلب فحلب فيها أصوات قوية ومحترفة لا يجيدها إلا القليل، حلب ولادة للفن و أهلها يحبون الفن بالفطرة ” .
رقم العدد ١٥٩٢٢