الدفء برائحة العطور… “قوارير ساخنة ” أسلوب مبتكر في ظل فقدان مواد التدفئة

الجماهيرـ مصطفى رستم

بعد أن تقطعت السبل أمام أهالي حلب في الحصول على مواد التدفئة، وبموازاة خفض مخصصات مادة المازوت إلى (مائة) ليتر للعائلة الواحدة هذا الفصل من السنة لجأت عدة أسر إلى ابتكارات وحلول متعددة ريثما يمضي ما تبقى من شهر البرد بحال سبيله.
الـ “حوجلة” هو الاسم الذي بات يتردد في كنف البيوت التي لا تدّخر سوى (بيدونة) واحدة من محروقات التدفئة، أو في شقق سكنية نفدت منها آخر ليترات “سادكوب” التي طال انتظارها، سرعان ما ذهبت أدراج رياح “كانون” وصقيعه.
بدائل المازوت:
ومع كل لحظات انتظار (دفعة ثانية) من المازوت يحمل الحلبيون اليأس جانباً فهي لن تأتي على عجل، كما ويتوقع أهالي حلب أنها ستصل بعد فصل الشتاء، كما حدث في العام المنصرم.
في مواجهة هذا الشحّ بمواد التدفئة عكف كثيرون إلى بدائل ساعدتهم على العيش لحظات دافئة، فما كان من أرباب البيوت إلا الاعتماد على وسائل مثل الأخشاب ووضعها في مدافئ ليست مخصصة للحطب يقول الحاج “أبو مؤيد” من سكان حي الأشرفية:
“حاولت كثيراً أن أقتصد بمواد المازوت لكن دون جدوى حتى فقدت كل الليترات لكن حولت مدفأة المنزل التي تعمل عبر المازوت للعمل على الحطب بعد أن وضعت غطاء داخل المدفأة أقوم برمي ما يتبقى من خلاصة الحطب (الرماد) خارجاً بعد انطفاء النيران”.


قوارير ساخنة:
بالرغم من كل تدابير الأهالي إلا أن بعضاً من الأسر الحلبية عانت كما غيرها حتى من ضعف تدفئة المدافئ العاملة على الكهرباء بسبب التقنين الشديد هذا العام.
إلا أنها حاولت التحايل على البرد عبر تصنيع أغطية المعونة وجعلها ألبسة ورداء يلبس داخل البيوت، وتحويل قوارير العطر الفارغة وتعبئتها بالماء الساخن ووضعها في جوف الأغطية الصوفية السميكة.
“اشعر بالدفء بعد أن أقوم بسكب الماء بحوجلة العطر الحديدية، حيث تحتفظ بسخونتها لفترة طويلة وأضعها داخل الفراش، هي تنشر الدفء” .
ويضيف الشاب “فراس دركزلي” أن “الحوجلة” يأتي بها من بائعي العطور، حصلت على خمس قوارير لكل فرد من أفراد الأسرة قارورة يردف قائلاً: “إنها بمثابة تدفئة شخصية ليس إلا، لكنها تفي بالغرض، بعد أن ارتفعت أسعار أكياس الماء الساخنة إلى مبالغ وصلت إلى 100 ليرة أو 1500 حسب حجمها”.
الماء المعطّر:
من جانبه يوضح بائع العطور “رضوان شما” سر “حوجلة العطور” المصنوعة من المعدن وتتسع إلى ما يقارب ليتر واحد من العطور مع توفر عبوات أكبر من ذلك، فهي بالتالي تأتي عن طريق تجار الجملة وأغلبها مستورد ويضيف:
“تساعد هذه القارورة الكبيرة والمصنوعة من التنك أو الألمنيوم حسب ما تأتي من المصدر إلى احتفاظها بالماء الساخن لفترات طويلة بحدود 10 ساعات وبالفعل لاحظت طلب عليها من قبل الزبائن”.
لم يعد يندهش بائع العطر من تزايد الطلب على هذه القارورة فهي تمنح من يتعود عليها في فصل الشتاء الدفء الشخصي، بالإضافة إلى سخونة لا تفارقه.
ومن يحمل هذا الماء المعطر في القارورة الحديدية لابد أن يعلم شروط أن تكون مغطاة ضمن رداء أو غطاء سميك حتى تطيل من فترة احتفاظها بالماء الساخن، وفوق كل ذلك لا تتوانى تلك الحوجلة على منح ماء ساخناً معطراً في تلك الأيام الباردة.
رقم العدد ١٥٩٥٧

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار