الجماهير / نجود سقور
وجد النسيان طريقا لديهم خبت الذاكرة في تﻻفيف الدماغ بات الحاضر مسرحا لسرد وقائع الماضي الذي استحال مستقبﻻ.
يعرف مرض الزهايمر بأنه أكثر اﻷمراض شيوعا لدى كبار السن ومعروف عنه أنه ﻻيصيب إﻻ كبار السن إذ يعاني المريض صعوبة في التذكر، ويدخل حالة من اﻻكتئاب والعزلة. إﻻ أنه بات ملحوظا أن هناك فئة عمرية أدنى باتت تعاني من هذا المرض الصامت وإلى اﻵن لم يعرف ماهي اﻷسباب الحقيقية للمرض الذي يؤدي الى اختﻻل عقلي وحدوث تغيرات معينة في الدماغ مهما كان عمر المريض. وجاء في تعريف منظمة الصحة العالمية أن الزهايمر هو من أمراض الخرف التي تصيب المسنين ، ويعد متﻻزمة يمكن أن تحدث بسبب عدد من اﻻضطرابات الدماغية نتيجة تدهور الخﻻيا العصبية التي تطال الذاكرة والتفكير والسلوك والقدرة على القيام بالأنشطة اليومية وتمييز اﻷشياء.
للوقوف عند هذا المرض ﻻبد من سرد بعض الحاﻻت ونورد منها على لسان ذوي المرضى ففراس ﻻحظ أن أباه خف لديه الكﻻم وقل لديه التواصل اﻻجتماعي وزادت اﻻنطوائية لديه وضعفت لديه مهارات عديدة ويواجه صعوبة في التحدت واستخدام الكلمات ..
تروي س.أ حكاية والدتها اﻷرملة البالغة من العمر 80 عاما :بعد وفاة والدي بأقل من عام شعرت بأن والدتي بدأت تنسى الكثير من اﻷحداث القريبة ،فقلت هذا طبيعي لعل حالتها النفسية والحزن الذي هي فيه ربما يكون سببا في نسيان بعض اﻷمور وﻻسيما في هذه الظروف والضغوط المحيقة بنا كدنا ننسى أنفسنا، ونفقد ذاكرتنا جزئيا رويدا رويدا….ومع تمتع والدتي بصحة جيدة بداية لم يقلقني اﻷمر كثيرا ولكن مع تطور الحالة بدأت تطرح أسئلة عن أبي ولماذا تأخر في العودة للبيت ولماذا طال غيابه؟ حاولت أن أوضح لها اﻷمر دون مواربة وأذكرها بوفاته لكن عبثا أصبحت تسأل أكثر وتنسى أكثر وتسوء حالتها رغم عرضها على الطبيب .
أبو سهيل قال: كانت السنوات اﻷولى من مرض أبيه مقبولة، لكن بدأت تتفاقم اﻷمور فيما بعد إذ بدأ المرض يؤثر في القدرات العقلية لديه كأن يلقي أغراض المنزل من النافذة إلى الشارع أو يؤذي نفسه باستعمال أدوات حادة. مضيفا أن والده يحتاج دائما ﻷن يكون أحد بجانبه ويرافقه وﻻيغيب عن نظره حتى ﻻتحدث مأساة ﻻتحمد عقباها.
وحكى لنا خ.و/ الذي رفض أن يذكر اسمه/رحلته المؤلمة مع أبيه المريض ذاكرا أن هذا المرض يستلزم دراية ومعرفة بالتعامل معه ويحتاج إلى تفرغ دائم يقتضي منه أن يكون بجانب أبيه دائما ويعطل أعماله لاسيما وأن لديه عائلة وأوﻻدا ويحتاج المال ﻹطعامهم وتوفير الدواء لوالده الذي أفنى عمره في تربيته ويؤلمه أشد اﻷلم أنه ﻻيعرفه وﻻبقية العائلة ونسي حتى اسمه.
وبعد عرض حاﻻت من المرض، فإن للرأي العلمي والطبي دوره إذ أشار مدير مستشفى زاهي أزرق أخصائي اﻷمراض العصبية الدكتور باسل سليمان إلى أن الزهايمر (الخرف المبكر) اضطراب يصيب الذاكرة، وتبدأ اﻹصابة بالذاكرة القريبة لتتحول تدريجيا إلى الذاكرة البعيدة إذ يحدث فجوات في الذاكرة فيقوم المريض بملء هذه الفراغات بقصص غير واقعية باﻹضافة لتصرفات غير عقﻻنية. وبالنسبة لمسببات المرض يقول إن المرض مجهول اﻷسباب ويبدأ في سن الكهولة المبكرة ويتطور تدريجيا وبالإضافة لمرض الزهايمر (الخرف المبكر) يوجد الخرف الشيخي. وأما نسبة الشباب فاضطراب الذاكرة غالبا مايكون مترافقاً مع اضطراب في المزاج “اﻻكتئاب ” الذي يعتبر مرض العصر والذي ازداد في ظل الحرب على سورية، وﻻعﻻقة له بالزهايمر. مبينا أنه ﻻيوجد عﻻج شاف له إنما يقتصر العلاج على تأخير سير المرض، لكن ينصح باﻻهتمام وتقديم الرعاية اﻷسرية واﻻجتماعية التي تحسن من حال ممن يعانون منه.
ويضيف الدكتور سليمان: يعد هذا المرض مشكلة طبية واجتماعية كما باقي أمراض المسنين، ويحتاج المريض للرعاية الطبية واﻻجتماعية إذ تكمن خصوصيته في أن اﻷوﻻد يكونون منشغلين غالبا بأمور حياتهم وأوﻻدهم مما يفاقم مشكلة رعاية هذا المصاب وخاصة في حال غياب مؤسسات الرعاية لهم .
ولفت إلى أنه في اﻵونة اﻷخيرة تم التوجه للعناية واﻻهتمام بذوي اﻻحتياجات الخاصة، وتراجع الاهتمام في دور رعاية المسنين والجمعيات التي ترعاهم داعيا لتفعيل دور الفعاليات والجمعيات وإيﻻء أهمية لهذه الفئة العمرية من باب الوفاء واﻹخﻻص والرعاية واﻻهتمام.
يذكر أن العالم يحتفل في21 أيلول من كل عام باليوم العالمي لمرض الزهايمر والذي يهدف إلى زيادة الوعي بالمرض والسعي لتخفيف آثاره اﻻجتماعية. وأن المرض أخذ اسمه من الطبيب اﻷلماني (ألويس زهايمر) بعد أن ﻻحظ في عام 1906 تغيرات تشريحية في مخ امرأة توفيت بمرض عقلي غير معتاد ،بدأ اﻻحتفال بهذا اليوم في واشنطن بالوﻻيات المتحدة في عام 1984عندما قدمت مجموعة من الأخصائيين بمرض الزهايمر رؤية كان هدفها حياة أفضل لﻷشخاص الذين يعانون الخرف ولذويهم ومنذ ذلك اليوم لم تتغير هذه الرؤية.
رقم العدد 15980