الجماهير ـ مصطفى رستم
لن تسعفك كلمات الإطراء ولن تفلح في إيصال ما يختلج في صدرك من مشاعر المحبة الصادقة لتلك المرأة التي اسمها (الأم)، وبالتأكيد حين تودّ التفتيش عما قدمته سترى وتسمع القصص والحكايا الزاخرة لما صنعته لأجل أولادها وما تقدمه بعدُ لعائلتها.
وقصة “أم علي” تندرج من بين تلك الاسهامات الكبيرة والعظيمة للأمهات، أمٌ لم تقدم لولدها شيء… لكنها قدمت له ما هو أعظم من الأشياء، واهبة لأجله قدمها ويدها وصوتها وأصابع كفها، وحتى فؤادها وعمرها، ليغدو الشاب “علي محمود” ممن تفوق بدراسته من على كرسيه المتحرك “صحفياً”.
ثابرت “أم علي” على اصطحاب ابنها كل يوم إلى الجامعة حضرت معه على مدار أربع سنوات، دون تغيب كل محاضراته في كلية الإعلام في جامعة دمشق الابن الذي لا يستطيع النطق والحركة كانت هي من تكتب له أحاديث الدكاترة والمدرسين ومن ثم تعيده إلى البيت ثانية دون أن تفارقه.
واظبت أم علي على تدريسه كل المحاضرات العلمية التي تلقاها خلال اليوم ليس هذا وحسب بل تمكن هذا الشباب من متابعة دراسته في كلية الهندسة المعلوماتية بالإضافة إلى دراسته الإعلام معاً حيث يدير اليوم موقعا إخباريا خاصا به وهو صاحب امتيازه بفضل جهود والدته.
كل ذلك صنعه الشاب علي وهو لا يستطيع تحريك أطرافه وجالساً على كرسي متحرك، لا يستطيع حتى تحريكه بالإضافة إلى ضعف في النطق بل النطق أشبه أن يكون معدوماً.
حصل ذلك الشاب على أعلى المعدلات في امتحاناته النظرية والعلمية في الإعلام، دون أن يتعاطف معه أي من المراقبين أو الأساتذة رغم محبتهم الكبيرة له لكن “الامتحان …إمتحان …لا تهاون فيه”.
يقول أحد الصحفيين ومن أصدقاء الشاب علي، الصحفي “أيمن الحمد” والذي تابع علي عن قرب عبر مشروع “إعلامي متميز” في كلية الإعلام:
” وحدها والدته تفهم ما ينطقه وما يريده، في وقت يتمكن بالكتابة ببطء شديد معتمداً على إطباق يده وثنيها للتعامل مع الحاسوب للإجابة على أسئلة الامتحان كونه لا يستطيع الكتابة، والتوقيت نفسه الذي يعطى لبقية الطلاب في القاعة الإمتحانية، أم علي تصطحبه في كل الأنشطة التي تقيمها الكلية”.
تقول ” أم علي” في حديثها عن ابنها لديه طاقة كبيرة وإصرار وتحدي منذ صغره، “لاحظت أن الإعاقة لم تنل منه” هكذا تقول والدته التي رافقت مشواره يوميا من البيت للكلية.
يتحدث الصحفي أيمن الحمد عن أم علي قائلاً” قالت لي أمه أن لديه شلل دماغي، كنت أقول يا لعظمة الأم التي لم تتخل عنه بل كانت مؤمنة به، وهي سر نجاحه، والدته تعبت عليه كثيرا هنا يكمن دور الأم والأب والأهل الذي يشجع أمثال هؤلاء على التقدم والعطاء”.
أما “علي” يطمح من على كرسي الإعاقة وهو الآن يدير موقع إلكتروني كما قلما أن يطور موقعه ويكمل دراسته في كلية المعلوماتية، ويتحدى إعاقته ويطور تعلّمه للمونتاج، لقب بـ “ستيفن هوكينغ السوري” بين أقرانه في الكلية وزملاء له أحبوه وأكبروا بوالدته التي رافقتهم كل المحاضرات العلمية في الإعلام لأربع سنوات، لتستحق لقب “صحفية” بكل فخر وامتياز.
رقم العدد 15987
قد يعجبك ايضا