الجماهير – أسماء خيرو
من المؤكد أنه ما من أحد إلا وسمع أو قرأ قصة السيدة التي أرسلتها مواد التنظيف إلى رحلتها النهائية، وبالرغم من كل التحذيرات والنواهي، إلا أننا مازلنا نسمع عن نساء تعرضن إلى إصابات تنفسيّة وتحسسيّة نتيجة الإفراط في استخدام مواد التنظيف المختلفة، واليوم لسنا بصدد سرد المزيد من القصص عن ضحايا مواد التنظيف، ولكن أرادت الجماهير من خلال الحديث مع نجوى مفتاح دكتورة في الكيمياء العضوية في جامعة حلب، تقديم شرح مبسط عن خطورة مواد التنظيف إن استخدمت بشكل خاطئ .
نهت الدكتورة مفتاح خلال حديثها بشكل كامل عن دمج المنظفات مع المعقّمات أو المطهرات أياً كان نوعها قائلة: يمنع منعا باتاً دمج الكلور مع الديتول أو الفلاش أو أي نوع من مسحوق الغسيل؛ لأنها تتفاعل وتعطي مركبات سامة ومسرطنة، فهي توازي فيروس كورونا من حيث النتيجة إن تم خلطها مع مواد كيميائية أخرى، فالفلاش فيه مادة حمضية عالية التركيز شديدة السمية والكلوركس أو الكلور المشتق من الاسم العلمي (هيبو كلوريد الصوديوم) هو مادة شديدة الأكسدة إن لم يتم تخفيفها بالماء قد تسبب حروقاً في الجلد، وتدمر خلايا العين بشكل كامل، والديتول الذي يستخدم في التعقيم هو ليس مادة واحدة فقط هو خليط من عدة مواد كيميائية فعالة قادرة على إذابة الزيوت والدهون كـ( الفينول – والتكسابون – وزيت الصنوبر الذي يمنح الرائحة للديتول) لذلك جميع المواد التي ذكرتها إن تم دمجها تتفاعل وتشكّل خطورة على صحة الإنسان، فهي في حالات التركيز المنخفضة تسبب الدوار أو الإغماء، أما في حال كان تركيزها عالياً فمن الممكن أن تسبب تدميراً للجهاز العصبي وللكبد والكليتين. لذلك يجب الابتعاد نهائياً عن خلط تلك المواد مع بعضها البعض لأنها تعدّ قاتلاً كيميائياً.
وتابعت الدكتورة مفتاح قائلة: يعتقد البعض أن الدمج وخاصة بعد أن أصبح لديهم رهاب من فيروس كورونا قد يعطي نتيجة أفضل وتعقيماً أكثر ولكن هذا الاعتقاد خاطئ؛ لأن الدمج سوف يؤدي إلى إطلاق غازات سامة تسبب مشكلات صحية خطيرة قد تودي بحياة الشخص وخاصة إن استخدم في مجال محكم الإغلاق، مضيفة: حتى سائل الجلي يشكل خطورة على الإنسان إن تم دمجه مع مواد أخرى كالكلور.
حيث نلاحظ أن أغلب السيدات الحلبيات يقمن بخلط الكلور أو مايسمى”العملاق” مع سائل الجلي وهذا تصرف خاطئ له الكثير من الآثار السلبية على البشرة، إذ يسبب التهابات جلدية لذلك وبصفتي دكتورة في الكيمياء العضوية أنصح السيدات بعدم خلط سائل الجلي مع أي مادة من مواد التنظيف.
ولمزيد من المعلومات حول خطورة دمج مواد التنظيف تواصلت الجماهير مع الدكتور سامر المعلا اختصاص أمراض صدرية وتنفسية إذ أوضح بأنه ترده الكثير من الحالات المرضية التي تشكو من ضيق في التنفس، واحمرار في العينين، والتهابات في الجلد، وللأسف أغلبهن سيدات، وسبب هذه الأعراض أنهن تعرضن مباشرة لمادة الكلور ولم يتخذن أي من إجراءات الوقاية أو الحماية كارتداء القفازات – والابتعاد قدر الإمكان عن استنشاق رائحة الكلور – وعدم لمس العينين.
ثم تابع الدكتور معلا وأشار إلى أن هناك الكثير من الأمراض التنفسية التي تنجم عن الاستخدام الخاطئ لمواد التنظيف والمعقمات والمطهرات وفي مقدمتها (الربو التحسسي – والانسداد الرئوي المزمن- والأكزيما) إذ تهيج الجلد والأنف، وتسهم في تآكل الأغشية المخاطية الموجودة في الأنف. مضيفا لنأخذ مثلاً (الكلور والديتول) الكلور يعد أخطر مواد التنظيف فإن دمج مع الكحول يطلق غازات سامة تسمى الكلوروفورم السام، وإن دمج مع الخل يطلق بخاراً ساماً يطلق عليه اسم (الكلورامين) .
لذلك يجب على السيدة ألا تدمج الكلور مع أي من مواد التي ذكرتها آنفاً، وألا تستخدم الكلور لتنظيف مائدة الطعام أو أماكن يمكن أن تضع عليها الأطعمة أو الخضروات أو المواد الغذائية، فقط يجب أن يستخدم لتعقيم أرضيات المنزل وبنسبه ضئيلة جداً، ويضاف إليه كميات كبيرة من الماء، ويمنع منعاً باتاً من استخدامه في تنظيف أواني الطعام.
وإن أرادت تعقيم الجسم أو اليدين ينصح باستخدام الكحول فقط أو الماء والصابون الذي يرجح بأنه أكثر فاعلية وأماناً من أية مادة معقمة أو مطهرة.
أما بالنسبة للديتول فلا يفضل استخدامه لتعقيم الجسم؛ لأنه يعتبر أيضاً مادة سامة إن استخدم بكثرة، فقط يمكن استخدامه لتعقيم الأبواب والأسطح لاحتوائه على مادة الفونيك المعقمة .
وختم المعلا بقوله: على الإنسان أن يستخدم مواد التنظيف بحكمة وعقلانية، فكل شيء زاد عن الحد انقلب إلى ضده، وعليك سيدتي التصرف بعقلانية، فالمسألة تكمن فقط في الحفاظ على نظافة اليدين والنظافة الشخصية ما أمكن، واستخدام المعقمات بحكمة دون إفراط، لتحقق لك ولعائلتك الأمان الصحي وغسل الخضروات بالماء والصابون فقط، فالماء والصابون يعدّان خط الدفاع الأول الذي يقينا من مهاجمة فيروس كورونا.
رقم العدد ١٦٠٠٦