كورونا و الآثار السلبية والايجابية على الاقتصاد السوري .. حزوري : المفترض أن ينخفض عجز الميزان التجاري

 

الجماهير / سهى درويش

فيروس كورونا الذي سيطر بخطره على معظم دول العالم وسبب انهيارا في المنظومات الصحية والاقتصادية وارتفعت باستمراره نسبة البطالة في أوروبا وأمريكا وغيرها من الدول الأخرى.
فهذا الفايروس الذي لم يعرف بعد كيف نشأ ومتى سينتهي، بل ما أدركناه أن المنعكسات السلبية أثرت حاليا ومستقبلاً على النشاط الإنساني برمته .
فماذا عن هذه الجائحة وأثرها على النشاط الاقتصادي السوري بشكل عام وحلب بشكل خاص ولمعرفة المزيد التقت ” الجماهير ” الدكتور حسن حزوري، الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب، والذي ذكر العديد من المؤشرات الاقتصادية التي يمكن أن تؤثر على الاقتصاد السوري ، حيث قال: منذ انتشار فيروس كورونا عالميا ، واقترابه من الدول المحيطة بسورية ، اتخذت الحكومة السورية جملة من الاجراءات الاحترازية للتصدي لهذا الوباء ، و لحماية المجتمع السوري ، وتضمنت الاجراءات الاحترازية مجموعة من القرارات الإدارية ،الاقتصادية ، المالية والأمنية ، وشكلت لها خلية أزمة تراقب تطورات الوضع وبشكل آني، وتتخذ القرارات المناسبة سواء أكانت قرارات جديدة أم تعديل لقرارات سابقة، و الهدف هو حماية سورية وشعبها من هذا الوباء .
وأشار الدكتور حزوري خلال حديثه الى أن التأثيرات الاقتصادية جراء فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي، كانت و ستكون كبيرة وكبيرة جدا ، ولا يمكن من الآن التنبؤ بقيمتها المادية وبحجمها، وبنفس الوقت لاتستطيع أي دولة في العالم أن تنجو منها بشكل مباشر أو غير مباشر، مع الاعتقاد بأن هناك اقتصاديات بعض الدول ستستطيع أن تحتوي هذه الآثار بشكل أو بآخر وهناك دول لن تتمكن من هذا الاحتواء بسهولة.
– التأثيرات الايجابية على الاقتصاد السوري :
بيّن الدكتور حزوري كيف سينعكس ذلك على الاقتصاد السوري، حيث قال: بالتأكيد سيكون هناك تأثيرات ايجابية وسلبية ، وحتى نبقى متفائلين نذكر بعض التأثيرات الإيجابية ومن ثم السلبية ، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، على المدى القريب تتمثل في انخفاض أسعار النفط و كثرة المعروض النفطي سيكون مفيدا للاقتصاد السوري على اعتبار أن الإنتاج النفطي المحلي لايلبي حجم الطلب وبالتالي فإن فاتورة الاستيراد الكبرى تأتي من النفط وهذا سيساهم في تخفيف الضغط على الإنفاق الحكومي، خاصة أن الحكومة تستورد النفط بالقطع الأجنبي الذي تعاني من عدم توفره بشكل كاف، ومن المفترض أن ينعكس ذلك إيجابيا على سعر صرف الليرة السورية وأيضا نتيجة الظروف العالمية سيكون هناك انخفاض كبير في أسعار معظم السلع المعمرة المستوردة كالآلات و السيارت والمعدات ونحن بحاجة لها في مرحلة إعادة الإعمار، وأيضا المواد الأولية التي تحتاجها الزراعة والصناعة السورية، كل ذلك يشكل تخفيفا من الطلب على الدولار و بالتالي من المفترض أن ينخفض عجز الميزان التجاري.
– التأثيرات السلبية على الاقتصاد السوري :
أما عن التأثيرات السلبية أضاف الدكتور حزوري بقوله : إن وباء كورونا أدى إلى تخفيض الإنتاج وإلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي تراجع معدل النمو ، في معظم القطاعات باستثناء القطاعات الصحية والمواد الغذائية والزراعية التي سيزداد الطلب عليها عالميا ، لكن بالنسبة الى سورية فإن الإنتاج المحلي لايلبي حاجة الطلب في قطاعات عدة، وذلك نتيجة الحرب الإرهابية والدمارالممنهج للاقتصاد منذ عام 2011 ، فمعظم الإنتاج السوري يباع في السوق المحلية، والتصدير منخفض جدا إذا ما قورن بما قبل الحرب، ولذلك يتم استيراد العديد من السلع الأساسية والغذائية نتيجة عدم كفاية الإنتاج المحلي .
– كورونا ومنعكساته على الوضع المعيشي للمواطنين:
وبالنسبة لجائحة كورونا ، لفت الدكتور حزوري إلى أن سورية ماتزال مسيطرة على وضع انتشار وباء كورونا وأن الإصابات فيها الأقل على مستوى العالم ، وهذا ما جعل من حجم الإنفاق على الطوارئ محدود واستطاعت الدولة تحمله حتى الآن رغم قلة الموارد بسبب العقوبات الاقتصادية، طبعا سيؤثر ذلك على الموازنة الاستثمارية التي ستؤجل مشاريعها لفترة زمنية أخرى . وعن الأثر الاقتصادي المباشر في الأسواق أوضح بأن الجائحة أدت إلى نقص كبير في الإنتاج نتيجة توقف الفعاليات الاقتصادية ، مما أدى إلى ارتفاع أسعار معظم السلع بشكل يومي بلا ضوابط أوبدون مبررات منطقية أحيانا ، وخاصة الغذائية منها، لأسباب عديدة كنقص الإنتاج المحلي كما أشرنا سابقا والى ارتفاع تكاليف المواد المستوردة ، لارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية في السوق الموازية وفي أسواق دول الجوار، وأيضا تصدير بعض المواد والمنتجات الزراعية كالحمضيات وأيضا نتيجة جشع التجار وتعدد الحلقات الوسيطة ، بين المنتج أو المستورد من جهة وبين المستهلك، ولذلك بقيت نشرات الأسعار التي تصدرها مديريات التجارة الداخلية في المحافظات دون أن يتقيد فيها معظم التجار ، نتيجة عدم وجود عقوبات رادعة في مجال مخالفة التسعيرة وأهمها عقوبة السجن والغرامة النقدية الحالية وهي غير رادعة، وأيضا ملاحقة التجار الصغار ( المفرّق) والتغاضي عن مخالفة مصدر الغلاء وهو التاجر المستورد، كل ذلك انعكس على الوضع المعيشي للمواطنين وبشكل خاص ذوي الدخل المحدود، أو الذين يعتمدون على دخلهم اليومي أولا” بأول ، ثم جاءت القرارات الإدارية بالإغلاق وتوقف مهن كثيرة ، لتجعل الوضع أكثر سوءا.
– الانعكاس الايجابي للسماح بعودة العمل لبعض الفعاليات :
وعن قرار السماح لبعض الفعاليات الحرفية والصناعية بالعودة إلى العمل رأى الدكتور حزوري بأن القرارات الأخيرة لمجلس الوزراء بالسماح لأكثر من 20 مهنة وحرفة في القطاع الخاص، ، بمزاولة أعمالها، خطوة باتجاه العودة الى الوضع الطبيعي ، ودوران عجلة الانتاج ، وتأمين دخل لمن اضطر للتوقف عن العمل، وأقترح إعادة النظر بهذه القرارات فهناك مهن سمح لها بالعمل ولكنها تعتمد في التوريد على مهن أخرى ، مثلا كيف ستعمل مهنة صيانة السيارات والآلات بدون السماح لمهنة بائعي قطع التبديل على سبيل المثال وليس الحصر، وأكد الدكتور حزوري أن المطلوب التركيز على توعية المواطن وعلى إجراءات التباعد الاجتماعي ، وخاصة أن عدد الإصابات المحدود مؤشر خير ، و هناك إمكانية لعودة الحياة الطبيعية والنشاط الاقتصادي إلى ماكان عليه بشكل تدريجي وفق خطوات مدروسة.
وكما هو معلوم فإن حلب عاصمة الاقتصاد السوري والصناعة السورية وكانت تساهم في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 25% قبل الحرب، و نأمل أن تعود الى ما كانت عليه، وخاصة عندما علمنا اليوم بأنه وبإمكانات محلية ، وبدعم من غرفة صناعة حلب تم تحقيق إنجاز صناعي طبي وطني يتمثل بتصنيع أول جهاز تنفس صناعي سوري بالكامل وبخبرات وطنية، وبزمن قياسي.
– سورية بخير :
أخيرا نرى بأن سورية بخير ورغم كل سنوات الحرب مازالت الحكومة قادرة على توفير احتياجات المواطن بالحد الأدنى على الأقل، بالوقت الذي نرى فيه دولا عظمى تأثرت أسواقها وبورصاتها وناتجها المحلي الإجمالي وارتفعت البطالة فيها إلى حدود كبيرة وخرج الملايين عن منظومة العمل وتكورن اقتصادها إن صح التعبير ولعل قادمات الأيام تكشف ماهو مخبأ أكثر .
رقم العدد ١٦٠١٤

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار