الجماهير – انطوان بصمه جي
خلد أرمن حلب الذكرى الخامسة بعد المائة للإبادة الجماعية بحقهم من قبل الامبراطورية العثمانية عام 1915، حيث كانت تشكل سورية وخاصة مدينة حلب ملاذاً أساسياً للأرمن وما حملوه من ثقافة وفكر، لكن بسبب الحرب نزح العديد منهم، لكن ماذا قدم الأرمن من خلال هويتهم وحرفهم المتميزة للاقتصاد السوري على مر العصور.. ما وضعهم الاقتصادي وهل تأثرت حرفهم وصناعاتهم جراء الحرب؟
لقد نشط الأرمن في مختلف نواحي الحياة فجلبوا معهم إلى حلب الكثير من المهن والحرف اليدوية وبعض الصناعات التي تطورت فيما بعد ولعبت دوراً هاماً في تطوير الصناعات الوطنية.
– مساهمات غنية
وكان لأرمن حلب أيضاً مساهمات لا تحصى، فقد عبر عضو مجلس الشعب السوري جيراير رئيسيان أن الأرمن عاشوا في بداية الأمر ضمن بيوت مصنوعة من الصفيح والخشب وكان من بين الأرمن أشخاص ماهرون في النشاطات المهنية وخاصة في ميكانيك السيارات أبدع الأرمن وتفردوا بها فقد طوروا المحركات وعدلوها لتلائم البيئة السورية، وأدخلوا إليها تقنيات جديدة ساهمت في رفع كفاءتها فلقيت إقبالا، ثم نقلوها للحرفيين السوريين ووضعوا جميع خبراتهم المهنية في سبيل نهضة البلاد، إضافة إلى عملهم في العديد من الحرف اليدوية والنحاس وطرق سكبه وصياغة الذهب وصناعة بعض الآلات وخراطة المعادن وحياكة النسيج وصناعة السجاد، رغم أن أهالي ريف حلب من السوريين مساهمين في تلك الصناعة لكن الأرمن عملوا على تطويرها باستمرار لتضاهي البضائع العالمية.
وفيما يتعلق بمجال البناء والفنادق، أضاف رئيسيان: إن فندق بارون أول فندق في حلب تعود ملكيته لعائلة مظلوميان الأرمنية وما يزال موجوداً حتى يومنا هذا، وفي حلب تم بناء أول مشفى يدعى الطونيان وفيه معهد لإعداد الممرضين حيث اخترع مالك المشفى أول جهاز أشعة ووضعه في المشفى وأقام دعوة لجميع الهيئات الدبلوماسيين (القنصل) لمشاهدة ذلك الجهاز.
– مصوّر الملوك والرؤساء
وأمام الوضع القاسي في بداية فترة الإبادة ومأساتها الكبيرة، برع أرمن حلب في عمليات التصوير الضوئي الذي أتقنوه قبل غيرهم، وذلك لإجادتهم اللغات الأجنبية، فاستفادوا ممن نقل هذا الفن وتعلموه من الأجانب، فكان في حلب المصورين الأرمن الأوائل مثل مصور ديرونيان ومصريان والمصور الشهير كلبنك الذي افتتح محلات متخصصة بالتصوير الضوئي في كل من حلب ثم دمشق ودير الزور وبيروت وعرف باسم مصور “الملوك والرؤساء” آنذاك.
– “هوكيدون” استراحة طريق الحج
من يسكن في حلب يعرف الهوكيدون الواقع في منتصف شارع سوق التلل المشهور، إذ وجد الأرمن في مدينة حلب مستقراً مناسباً لكونها قريبة من بلدهم الأصلي، فعندما يهربون تصبح أول نقطة استقرار أملاً بالعودة، كما أن مدينة حلب تقع على طريق الحج نحو القدس، حيث أقام الأرمن في ذلك الوقت دورا” تسمى “هوكيدون” أي (بيت الروحيين)، ففي القرن الحادي عشر عمد رجال الدين الأرمن لبناء فندق يعد كاستراحة لهم أثناء الحج إلى بيت المقدس وفيما بعد أصبح الهوكيدون متاحة لأبناء الطائفة الأرمنية ثم للتجار كون حلب كانت أيضاً واقعة على خط الحرير، وفقاً لما أكده عضو مجلس الشعب رئيسيان.
رقم العدد ١٦٠٢٣