القائد المؤسس.. في ذكرى رحيلك ..لروحك السلام شهادات لا تزال ماثلة : بنى لسورية مكانة مرموقة ووضعها موضع صنع القرار

 

الجماهير- فاتن يوسف

– من مد لنا يدا خيرة مددنا له يدا خيرة ، ومن مد لنا يدا شريرة مددنا له مدية تقطع الشر.
– أفضل أن أورث شعبي قضية يناضلون من أجلها ،خير من أورثهم سلاما مذلا يخجلون منه.
– نجيد اللعب على حافة الهاوية وأن سقطنا نسقط على جثث أعدائنا.
هي كلمات القائد المؤسس حافظ الأسد ،في كل مرة أقرأها أشعر بأقصى حدود الفخر والإنسانية والكبرياء، كلمات تعبر ببلاغتها عن أعظم شخصية في التاريخ الحديث، وتختصر في معانيها مواقف قائد أسطوري في حياته الإنسانية والاجتماعية والفكرية والسياسية .
أسس للزمن السوري
أسس للزمن السوري في جنيف وعندما اشتدت الأزمات على سورية قال رحمه الله:(لا ، حتى لو انتهى عمري ،فالزمن ملك لسورية ،هذا ما آمنت به ولن ينتهي الزمن السوري ،ولن نورث أجيالنا القادمة إلا ما تفخر به. ) هذه الكلمات قالها القائد المؤسس في مرحلة حرجة جدا من مراحل التأزم السياسي في سورية الذي واجهته في الثمانينيات ،قائد سكن التاريخ وأسكن التاريخ في كل نبضات عمره الذي عاشه يوما بعد يوم وهو يصوغ اسم سورية منارة بات العالم يعرفها ويشير إليها من خلال اسم(حافظ الأسد ) بعد أن مرت بما مرت به.
استثنائي في صفاته
كان القائد المؤسس عصمة للعرب من الانجرار وراء الإنهيار والتخاذل ،وعمل سيادته على الحيلولة دون التورط في متاهات عقد الاتفاقات المنفردة مع الكيان الصهيوني التي بدأتها بعض الأنظمة ،فكان بحكمته وصلابة مواقفه وهيبته وإيمانه وصبره القومي جسر الخلاص الذي مازلنا نتشبث به ،يقول السياسي اللبناني د.أمين الحافظ :عندما كنا نذهب للمؤتمرات الدولية والبرلمانية نسمع الثناء الوفير على ذلك الرجل الكبير ،لقد حمت هيبة القائد الأسد العرب من التورط في شراك وثغرات الآلاعيب الإسرائيلية وأنقذت لبنان من براثن العدوان الإسرائيلي والفتن التي حاول خلقها لسحق هويته العربية ومكنت عزيمة سيادته المقاومة اللبنانية من الصمود مستمدة عزمها من صمود سيادته وحضورها السياسي من حضور سيادته، وتكتيكاتها من حكمته وبراعته.
ويضيف :كنت من أوائل الذين تعرفوا على سيادته في مطلع السبعينيات وكنت ألتقيه باستمرار ،حتى في الظروف العسيرة التي مر بها لبنان لم أكن أتوانى عن الذهاب لسيادته، لشد ما أنا معجب بصفاته وشمائله، معجب بذهنه الوقاد وطريقته في التعامل وبتفكيره التفصيلي ،يطرح سيادته السؤال بكل دقائقه وبكل صبر وشغف بالمعرفة ، وعندما يتلقى الجواب يبتسم ويلقي طرفة تخفف من حدة الموقف وجفاف الموضوع ثم يعود ويطرح سؤال آخر الى أن تتضح الصورة في ذهنه ،ولديه صفة نادرة تميزه عن رجال الحكم في العالم ،فهو يمتاز بقدرة نادرة على الإصغاء بينما رجال الحكم في العالم يتحدثون ولا يصغون ،يريدون أن يتكلموا وحدهم دون أن يستمعوا ،أما سيادته فكان يصغي إليك حتى ولو كان عارفا بما ستقول،وعندما يتكلم ترتسم على وجهه ابتسامة محببة ،وكان يصبر على محدثه لساعات ،وهي صفات نادرة في رجال الدولة.
بنى لسورية مكانه مرموقة جذبت شخصية القائد المؤسس كبار سياسي العالم وساهمت في وضع سورية موضع صنع القرار ،فوصفه القائد فيدل كاسترو بالقائد الاستثنائي وقال عنه : إن الرئيس حافظ الأسد لم يرفع الراية البيضاء لا أمام الرجعية ولا أمام الصهيونية ولا أمام الضغوط الأجنبية التي لم يتحملها مسؤولون كثر ،وسورية بقيادته قلعة ثورية للتحرر والتقدم ،وقال عنه الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون :الرئيس حافظ الأسد (رجل المهمات الصعبة ) ،وقال عنه الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك :لقد كان القائد الأسد رجل دولة ،حريصا على رفعة بلاده وعلى مصير الأمة العربية ،وكان له دورا مرموقا في التاريخ خلال العقود الثلاثة الأخيرة ،ووصفه فاليري جيسكا ردستان رئيس فرنسا الأسبق بقولة: الرئيس الأسد شخصية قوية دوليا وله سمعة عظيمة ،وكتبت عنه صحيفة الشرق الأوسط (لقد دافع الرئيس حافظ الأسد عن الحقوق العربية بعناد لا يكل وناضل من اجل السلام العادل دون هيمنة).وفي أحد المحافل الرسمية قال عنه الرئيس اللبناني الأسبق إلياس الهراوي :الرئيس الأسد مدرسة في الصمود وقد بنى سورية الحديثة وعمل دؤوبا لتجسيد التضامن العربي ولم يقبل البته أي سلام ناقص.
وقال جيمي كارتر: لاحل في الشرق الأوسط من دون الاعتراف بوزن حافظ الأسد ودور بلاده الجوهري. وقالت مارغريت تاتشر رئيس وزراء بريطانيا عام 1984 الوفاق لايتحقق بلبنان إلا بتقدير وزن الرئيس الأسد والتعاون مع سورية .
أما جيمس بيكر وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية فقد كان شديد الإعجاب بالقائد المؤسس فقال أكثر من مرة (إن الرئيس حافظ الأسد هو المسؤول الوحيد الذي أعجبت به وأحببته وفهمته). هي بعض آراء كبار السياسيين في العالم والمجال لايتسع ﻻستعراض كل ماقيل عن القائد المؤسس الذي جذب بشخصيته وذكائه المتقد العالم ،حتى خصومه.
يؤكد المقربون من سيادته أنه كان يردد دائما أن أجمل محطات حياته هي ثلاثة: أولها استعادة القنيطرة بعد مفاوضات مضنية وغيرمباشرة مع اسرائيل عن طريق هنري كيسنجر وثانيها إسقاط اتفاق أيار بعد مواجهات قاسية مع القوات المتعددة الجنسيات ومعارك طاحنة في الشوف وبيروت ،وثالثها تحرير جنوب لبنان بعد ما تحمل كل أنواع الحصارات الاقتصادية والتهديدات العسكرية دفاعا عن أعمال المقاومة الوطنية.
وبعد …
لقد رحل القائد المؤسس باني سورية الحديثة .
أغمض عينيه الكريمتين وهو فرح بتحرير جنوب لبنان وكان ذلك بعد أيام قليلة من تحريره.
أغمض عينيه وكان آخر المتحدثين مع سيادته على الهاتف الرئيس اللبناني السابق اميل لحود .
أغمض عينيه فسجل التاريخ كلماته الخالدة (قدرنا أن نبني لأولادنا مستقبلا يطمئنون إليه وواجبنا أن نورثهم أفضل مما ورثنا ).
في الذكرى العشرين لرحيلك أيها القائد الكبير،لروحك السلام ، والوفاء والولاء لمن واصل المسيرة وحمل راية العز والكرامة السيد الرئيس بشار الأسد .
رقم العدد 16068

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار