الجماهير -وسام العلاش
اعتاد الحلبيون صباح كل جمعة الاستيقاظ على رائحة طهي وسلق الفول النابت منذ ساعات الصباح الباكر ويعدّ (الفول) الطبق الشعبي بامتياز، والضيف العزيز الذي يجلس على طاولة كل عائلة حلبية يجتمع حولها جميع أفراد الأسرة فيبعث من رائحته وشكله أنفاساً ملؤها المحبة والتآخي والحب بين أفراد الأسرة، كما أنه يعدّ طقساً من طقوس يوم الجمعة والذي تجتمع حوله الأسرة على طاولة إفطار شهي تتكون من طبق الفول بأنواعه الحامض والطحينة إضافةً للمخللات والبصل والزيت الأصلي.
وتفنن أصحاب المحلات منذ القدم التي تبيع الفول وتعددت وخاصة يوم الجمعة، ومنهم من ارتبط اسمهم بهذه المهنة مثل (أبو عبدو الفوّال) الذي يعدّ أحد رموز من زاول هذه المهنة وأتقنها، حتى بات محله القديم والعريق مقصداً لكل الزوار والسياح من خارج حلب وداخلها؛ ليتذوقوا طعم وعراقة الخلطة السحرية للفول من تحت يديه.
وعن طريقة تحضير هذا الطبق الشعبي يقول أحد الباعة بأنه يتم نقع الفول اليابس ذي الحبة الكبيرة بالماء قبل يوم، ومن ثم يتم سلقه بالوعاء النحاسي الخاص به إلى أن يتم طهيه ومن ثم يتم تحضير الخلطة المميزة والسحرية التي يحضرها الحلبيون والمكونة من الطحينة والحمض والكمون أو بدون حمض بحسب الرغبة، ويزين بزيت الزيتون الذي تمتاز به مدينة حلب ويقدم للأكل ..
وبالرغم ماشهدته مدينة حلب خلال السنوات الماضية من حرب، والتي حاولت قتل كل ماهو جميل وتشويه قيمتها الإنسانية بقيت هذه العادة الجميلة ..عادة اجتماع العائلة الصباحي حول طبق الفول، وظلت صورته راسخةً في عقل كل من زار حلب وكل مغترب سوري قد اعتصر قلبه لأيام من العمر قد لا تعوض…إلا أنه حالياً ومع غلاء الأسعار الذي اجتاح وسيطر على كل السلع والمواد الغذائية، لم يسلم طبق الفول الشعبي فزاد سعره إلى درجة أنه لم يعد وجوده ميسّراً لدى الأسر الحلبية كافة ….فهل ياترى من الممكن زوال هذه العادة واختفاؤها من بيوت الحلبيين؟!.
رقم العدد ١٦٠٧٠