“سوق السويقة” ..ودوره التجاري عبر التاريخ..

 

الجماهير – وفاء شربتجي

هو سوق من أسواق مدينة حلب القديمة ..يقع بين حي الفرافرة والجامع الكبير .. يعود بناؤه إلى الفترة البيزنطية في القرن الخامس ميلادي ..وأصل كلمة سويقة تعني سوقاً صغيراً في حي.
تقسم السويقة إلى قسمين:سويقة حاتم، وتقع في الجهة الجنوبية بالقرب من الجامع الكبير وسويقة علي، وجاءت تسميتها من قبل رجل كان في هذه المنطقة اسمه علي .
لعبت السويقة دوراً هاماً تجارياً في القرن الثامن عشر، وفتحت للتجارة الكبيرة، وفيها عدة خانات وقيسريات ومخازن وحمامان وجامع.
اختصت (سويقة علي) منذ الخمسينيات ببيع الأواني المنزلية الخشبية وماتزال سويقة علي مختصة ببيع الأدوات المنزلية والأواني على نحو واسع بالإضافة إلى أنواع السكاكر ومطاحن الزعتر.


تتميز سويقة علي بطابعها العمراني المتميز، وترتبط بأسواق مدينة حلب القديمة دون أن تكون امتداداً لها.
وفي نهاية السوق من الجهة الشمالية تتفرع إلى عدة فروع على شكل أسواق متخصصة باختصاصات معينة كالأحذية والمنتجات التقليدية والألعاب.
وبعد التعريف بهذا السوق والمرور من خلال أطلاله، استوقفني رجل مسن ذو ملامح طيبة وأصيلة صاحب أحد المحلات في هذا السوق معرفاً عن نفسه وشارحاً لي حدود وتفرعات هذا السوق على طريقته.
أنا أحمد وليد مليس من مواليد /1941/ لي زمن في هذا السوق العريق وهأنذا أجول بين طرقاته العتيقة متأسفاً على الخراب الذي حلّ فيه زمن الحرب الإرهابية الجائرة علينا ..
ثم يشير إليَّ بعصاه التي يتوكأ عليها مشيراً إلى جامع الدباغة بداية هذا السوق الذي احترق عام /2013/ بفعل الإرهاب قائلاً لي إنه يرمم حالياً بهمة الطيبين من أصحاب تلك السوق، مسنداً ظهره إليه ومتابعاً طريقه شارحاً لي تفاصيله وحدوده قائلاً :
يبدأ سوق السويقة من جامع الدباغة وينتهي عند جامع الخير وبناية العداس تفرعاته.. أول تفرع صغير يأتينا من طرف اليمين وينتهي هذا التفرع إلى دار عربية كانت ملك حج (شفيق مليس) ..


ونتابع بعد ذلك لنصل إلى سلسلة محلات ذات قناطر متواصلة الشكل أصبحت محلات لبيع الأراكيل، ثم ( خان استانبول ) الذي تهدم، وكان يوجد داخله مطبعة ومستودعات للموبيليا ..
يحتوي هذا الخان على /21/ محلاً تجارياً لبيع الورود البلاستيكية الصناعية للزينة والدربكات والأراكيل .. ويحكى أنه كان سابقاً سجناً للأجانب، وعند نهاية السوق وقبل أن تنعطف نحو اليمين لنكمل طريقنا ضمن هذا السوق لنصل إلى نهايته، توجد ساحة صغيرة وضمن تلك الساحة كان يوجد ( جامع السيجور ) المتهدم كلياً وكان يوجد خلفه (مطحنة حنة) لصاحبها (محمود بكداش ) كذلك خان التتن الذي كان يباع داخله التبغ الوطني السوري الممتاز ..
نتابع طريقنا من طرف اليمين كان يوجد سوق اسمه (حجي أفندي) وهو عبارة عن /20/ محلاً تقريباً، وسمي بذلك لأن أصحاب محلات الأحذية الموجودة فيه كانوا ينادون على زبائنهم الغرب ( اتفضل حجي أفندي ) ..
ونحن باتجاهنا للأمام نهاية الطريق المؤدي إلى نهاية هذا السوق، يطالعنا (فرن وانيس) من طرف اليمين لبيع الخبز، ثم أصبح بعد ذلك محلات لبيع ألعاب الأطفال، ثم نتابع الطريق يأتينا مفرق من على اليمين هو (زقاق الزهراوي) الذي كان سوقاً لمنجّدي اللحف والفرش والمخدات المصنوعة من الصوف أو القطن سابقاً ..
ثم أصبح بعد ذلك سوقاً لبيع الجرابات، ثم يتوقف بعد ذلك العم أحمد عند جدار قديم هو سبيل للماء لسقاية الناس وإلى جانبه خان كبير اسمه (خان حج موسى) المؤلف من أربعين محلاً تجارياً موزعة بين محلات أرضية وفوقها مخازن، وجميعها كان يباع فيها الألبسة المستعملة ويقال أن أصحابها كانوا من طائفة الأرمن.


ومن جهة اليسار أي على الجهة المقابلة له خان يسمى (حج موسى الأعوج ) المتهدم حالياً .. كان يحتوي على ثلاثين محلاً تجارياً موزعة ما بين محلات أرضية ومستودعات في الأعلى، أي في الطوابق العلوية كانت تباع فيه أدوات منزلية وتحف .. إلخ.
ثم يأتينا من طرف اليمين سوق اسمه (سوق عاصم) لبيع النظارات الشمسية والأبيال ..ثم يأتينا محل (ناشد ) للسكاكر والضيافة الشهير، ثم محلات لبيع الزعتر والصابون الحلبي أي صابون غار ..
ثم يأتينا من طرف اليمين باتجاهنا إلى الأمام (جامع معلق ) ( اسمه جامع حج موسى ) ومحلات عديدة لبيع البلور والأدوات المنزلية والعطورات والصابون من على الطرفين..
ومحل (البادنجكي الكبير) جانب جامع الخير لبيع الأدوات المنزلية، وقبل بناية العداس (عبارة الأموي) لبيع الأدوات المنزلية البلورية والبلاستيكية ..
وأمام الجامع هذا في نهاية السوق توجد بناية العداس التي كانت سابقاً (حمام الويساني) ثم تحول هذا البناء إلى مكاتب تجارية للبيع والشراء ..
وينتهي الطريق هنا كما أسلفنا عند جامع الخير المتضرر والذي يقوم بترميمه حج (محي الدين سالم بادنجكي) على نفقته الخاصة ..
وهنا نكون قد وصلنا إلى نهاية سوق السويقة الذي كان يضج بالحياة سابقاً مثله مثل باقي أسواق المدينة القديمة، دون أن أرى أيَّ محل تجاري فاتح أبوابه للحياة .


رقم العدد ١٦٠٧٩

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار