الجماهير – أسماء خيرو
منذ أن كانت طالبة في كلية الاقتصاد كان مايشغل بالها الفراغ الذي تشاهده على الجدران في أروقة الكلية وممراتها، كانت تحدث نفسها بسؤال يتبادر إلى ذهنها كلما دخلت بهو الكلية، ألا وهو: لماذا لا توجد ملصقات أو لوحات تشير إلى ماهية كلية الاقتصاد ؟ ومن هنا بدأت تفكر بهدية قيمة تهديها للكلية التي انتسبت لها ولكن انشغالها بالدراسة والتخرج والدراسات العليا أجّل هذا المشروع حتى حين من الوقت إلى أن عاد ذاك المشروع ليراود فكرها ويشغل بالها بعد أن حصلت على الدكتوراه في الاقتصاد، إنها الشابة الدكتورة نور الحميدي التي جمعت إصدارات العملة السورية بفئاتها المتعددة خلال مئة عام في لوحة وقدمتها هدية لكلية الاقتصاد .
وحول هذا المشروع تقول د. الحميدي: أردت من مشروعي هذا تقديم وثيقة تاريخية اقتصادية لها طابع خاص تسلّط الضوء على إصدارات العملة السورية بفئاتها المتعددة منذ مئة عام بنوعيها الورقي والمعدني، وبما أن لدي هواية جمع العملات ولدي بعض الإصدارات القديمة للعملة السورية، لذا دأبتُ على جمع الكثير من الأوراق النقدية من مصادر مختلفة، حتى أصبح لدي عدد لابأس به من القطع الورقية والمعدنية من العملة السورية، وأقدم قطعة جمعت لدي يعود تاريخ إصدارها للعام ١٩١٩، وهذا العمل استغرق عاماً كاملاً ليتم إخراجه بالشكل النهائي وبالإضافة لما تم ذكره آنفاً كان ذلك كله بتشجيع من والدتي التي أوجدت لدي الدافع كي أحافظ على هذا الإرث الوطني، وأوثقه في لوحة يراها القاصي والداني، مضيفة الليرة السورية دائما وأبداً هي رمز وطني، يجب المحافظة عليه، وعلى المواطن أن يكون لديه عاطفة تجاه عملته السورية حتى يحميها من الاندثار ..
وعن مصادر الحصول أوضحت الحميدي أنه فيمامضى كان لديها الكثير من الإصدارات القديمة للعملة السورية بفئاتها التي كانت تحتفظ بها في بيتها الذي تعرض للدمار نتيجة الفوضى التي خلفتها الحرب، ولكن هذا الحادث لم يثنها عن عمل هذا المشروع، لذلك بدأت من جديد بجمع جميع إصدارات العملة السورية عن طريق شراء بعضها، والحصول على بعضها الآخر من النت، وهكذا إلى أن جمعت مايقارب أكثر من /١٠٠/ قطعة ورقية ومعدنية من العملة السورية الوطنية.
وبما أن ماجمعته الدكتورة الحميدي من إصدارات ورقية بعضه كان مشوهاً أو مكتوباً عليه أو ممزقاً لذلك عملت على تصنيفها، وتنسيقها، وتنظيفها عبر الكمبيوتر.
وكل هذا العمل كان يحتاج الكثير من الوقت والجهد إضافة للدقة في العمل لإظهار التفاصيل بشكل متقن وجيد .. ومع وجود العديد من الصعوبات التي واجهتني أبرزها انقطاع النت والكهرباء إلا أني قمت بوضع جميع الإصدارات التي تنوعت شكلاً ولوناً وحجماً والمختلفة في تاريخ الإصدار وترتيبها بلوحة أبعادها تتراوح مابين/ ٢٠٠ سم / ١٥٠ سم/ وأهديتها لكلية الاقتصاد .
وفي ختام حديثها أكدت الحميدي على ضرورة المحافظة على العملة الوطنية آملة أن يلقى مشروعها هذا الاهتمام والتقدير من قبل الجهات المعنية، وأن تجد من يتبنى فكرتها حتى تعمم وتوضع في المنشآت السياحية، وفي فروع المصارف السورية؛ لأنها تعد وثيقة تاريخية ومعلماً وطنياً، داعية الجيل الجديد إلى التمسك بعملته السورية لأنها تعكس الهوية الوطنية وتعد شكلاً من أشكال الانتماء الوطني.
رقم العدد 16123