الجماهير/ وفاء شربتجي
يقع سوق الجمرك داخل المدينة القديمة في حلب ، ويعد من الأسواق التاريخية الهامة .. يعود بناءه للقرن السادس عشر ، حدثنا عنه الحاج ” محمد عطار ” رئيس لجنة تجار سوق وخان الجمرك والتي تأسست في 17/1/2017 .. بعد تحرير مدينة حلب بـ /35/ يوم بدأت مهامها بترميم وإصلاح الأضرار التي وقعت جراء الحرب الجائرة على مدينة حلب من قبل الإرهابيين .. ويستذكر التاريخ المر في 18 أيلول 2012 .. حين أقدم الإرهابيون على حرق بعض المحلات وتكسير وسرقة محتوياتها ..
ويتابع شارحاً تفاصيل مداخل هذا السوق ..لمدخل هذا السوق ثلاثة أبواب .. باب شرقي وباب غربي وباب وسط السوق يدخل إليه من وسط سوق الخضرية ..
يمتاز هذا السوق بجمال قباب سقفه البديعة التي تحاكي عمر تاريخه العريق وبفتحات علوية ( نوافذ ) يدخل من خلالها الهواء والنور .
عدد محلات سوق الجمرك (44) محلاً تجارياً ويباع فيه كافة أنواع الأقمشة الوطنية والمستوردة ..
تبدأ حدود هذا السوق من جانب ساحة الفستق وتنتهي عند بداية سوق الشام ..
وتابع حديثه معرفاً عن نفسه .. أنا هنا منذ عام /1967/ حين اشتريت محلي هذا ضمن هذا السوق لأني أحببت تلك المهنة التي ورثتها عن أبي الذي كان لديه محلاً لبيع الأقمشة في سوق باب انطاكية ..
وعن تلك المهنة أضاف ، للأقمشة أنواع وطني ومستورد .. الوطني قسمان قطن 100% والآخر مزيج قطن وبوليستر ..
قبل الحرب العالمية الثانية كان يصنع القماش بالنول العربي القديم ومع تطور الزمن بدأت الصناعة تتطور باستيراد ماكينات حديثة أجنبية الصنع ..
اذكر وأنا في عمر الست سنوات ، بدأ يدربني والدي على متابعة إنتاج النول العربي القديم الذي يتكون من عدة قطع خشبية طول النول تقريباً متر ونص بعرض 120 إلى 130 .. له ( قدافه ) تحرك باليد وبالأرجل هذا النول العربي .. يعتبر من الحضارة العربية القديمة ، يوضع عليه ( السدة ) أي الخيوط القطنية التي تلف على بكرة ومنها يبدأ إنتاج الخيط الذي بدوره يصبح قماشاً ..
أما ( الحدف ) هو تطعيم للسدة كي يصبح القماش جاهزاً ومن خلال تلك العملية البسيطة واليدوية المحببه لدي..
عشقت تلك المهنة وبرعت فيها وأنا في عمر /14/ عام وفي عام /1958/ نلت شهادة البروفيه وكنت وقتها بياع مفرق في سوق باب انطاكيه وفي عام /1967/ جئت إلى سوق الجمرك واشتريت محلي هذا الذي مازلت أمارس عملي فيه حتى يومنا هذا .
وفي عام /2017/ قمنا أنا وزملائي أصحاب المحلات بترميم كامل السوق على حسابنا الخاص وافتتح رسمياً .. في /16/ تشرين الثاني عام 2017 تلك الذكرى العزيزة على قلوبنا ذكرى انتصار حلب .. فقد حضره كافة المسؤولين في حلب من خلال معرض دام أربعة أيام .
وقد عادت الحمد لله دورة الحياة إليه شيئاً فشيئاً ..
أما عن الإنجازات الحيوية إلى هذا السوق يقول الحاج عطار : فقد عادت الكهرباء والمياه والهاتف ، كما تم إصلاح الصرف الصحي بهمة اللجنة المشكلة من قبل غرفة التجارة والتي أرأسهاوكافة أعضاء اللجنة ..شاكرين جهود وبسالة جيشنا العربي السوري الذي أعاد الأمان والاطمئنان إلينا..
كما نشكر كافة المسؤولين بحلب لما قدموه لنا من تسهيلات لإعادة الحياة إلى تلك السوق ..
– خان الجمرك
هو أحد خانات مدينة حلب بني عام 1574م وسمي بالجمرك لأنه كان يعتبر مركزاً لتخليص البضاعة جمركياً وهو خان كبير يقع داخل سوق الجمرك له بوابة كبيرة غنية بالزخارف وقد كان سابقاً مقراً للتجار الفرنسيين والأنكليز والهولنديين ويتألف الخان من خمسون مخزناً في الطابق الأرضي و/77/ مخزناً في الطابق العلوي ..
تعتبر قنطرة الخان المطلّة على الداخل من أجمل القناطير كونها تحوي على زخارف حجرية رائعة تحيط بشبابيكها على شكل جديلة تلك الشبابيك التي تتكحل بالسواد ..
كما توجد عليه كذلك نقوش حجرية بديعة منقوشة يدوياً ويعتبر هذا الخان من أكبر وأهم خانات حلب القديمة من حيث الشكل المعماري والأهمية الاقتصادية ويمتاز بفسحته الكبيرة التي يتوسطها جامع وبركتا ماء وبئر قديم.
كما التقينا بالحاج / أحمد ميمة / ليطلعنا بدوره على هذا الخان حيث قال: يبدأ حدود هذا الخان والدخول إليه من ضمن سوق الجمرك وينتهي عند حدوده المغلقة على ذاته ويحوي هذا الخان على عدة محلات أرضية وأخرى من الطابق العلوي وجامع أثري وبئر قديم ..وكان يوجد داخل هذا الخان بنك خاص يدعى بنك ( البير حمصي ) ثم تحول بعد ذلك إلى محل لبيع الأقمشة ..ثم حدثنا الحاج ” ميمة ” عن نفسه قائلاً .. أنا من مواليد حلب (1943) تعلمت المهنة ” تجارة الأقمشة ” من والدي وأنا في عمر /15/ سنة لأنني كنت وقتها أجمع بين تعليمي لتلك المهنة ودراستي التي أنهيتها حين تخرجت من كلية الشريعة وبعد الانتهاء من دراستي عملت في مهنة والدي في هذا الخان العريق لأن تلك المهنة استهوتني واستمريت بعملي هذا حتى عام 2011 حين دخلها الإرهابيون وقاموا بالتخريب والسرقة .
وقد عدنا إليها من جديد حين تحررت حلب عام /2016/ حيث تفقدنا محلاتنا التي نهبت بالكامل .
وبدأنا عملية الترميم وإعادة إعمار ما خربه الإرهابيون على حسابنا الخاص حتى أصبح الوضع على الشكل الحالي ..
يعد هذا الخان من المناطق الأثرية والتجارية الهامة قديماً ..
وكان يأتي إلينا تجار من كافة أنحاء العالم .. وسواح أجانب ..
كانت الحياة تضج ضمن هذا الخان الأثري ..
وقد صُورت عدة مسلسلات ضمن هذا الخان .. وأضاف مسترسلاً ..كان معظم تجار الوطن العربي يأتون إلينا كوننا كنا المغذي الأول للسوق من الأقمشة القديمة أي ( الشرقيات ) المصنعة على النول اليدوي .. وبعد ذلك أصبحت الماكينات الحديثة ..
وقد قام أخي الحاج ( محمد ميمة ) بتبليط الخان وإعادة بناء باب الجامع بالتعاون مع أهل الخان عام /2000/ م ..
كما كانت تقام فيه بعض الأعراس ، ( تلبيسة للرجال ) ..
وختم حديثه قائلاً .. الحركة حالياً ضعيفة بسبب الحصار الجائر علينا وقلة الوفود السياحية .. آملين بعودة عجلة الحياة لجميع أسواق وخانات حلب القديمة .
رقم العدد 16133