العود سكر ياتفاح.. عنب العنايب أكل الحبايب نداءات الباعة عزف منفرد بإيقاع عفوي وسحر المأثور الشفوي

 

الجماهير – عتاب ضويحي

بهدف جذب الزبائن ولفت الانتباه وبشيئ من روح النكتة والمزاج الرايق والبال الطويل، تتعالى أصوات الباعة في الأسواق لاسيما المزدحمة منها بنداءات وتشبيهات بديعة، ذات ألحان بسيطة وعبقرية في آن، تتوارثها الأجيال بنغمة ومخارج لاتتغير من بائع لبائع.
تتنوع النداءات باختلاف المنتج، لكنها تشترك جميعها في نزوعها إلى استغلال الطاقات الفنية للبائع نغمة وبلاغة، ويتوقف تأثيره على جمهوره “زبائنه” بحسب درجة قوته في اختيار الألفاظ وتناغم كلماته، واتساق تعبيراته.
بين الدلع والترويج
يعتمد الباعة في أسواق حلب على أسلوب التدليع لبضائعهم والتغزل بها وذلك بغية الترويج لها وتسويقها.
الجماهير جالت في سوقي التلة وباب جنين، حيث تكون الهتافات والنداءات على أوجها إما من باب الترويج وإما المنافسة، عبارات رنانة موزونة، وأخرى تشيد بجودة البضاعة وسعرها الرخيص، منها التقليدي ومنها مايلفت الانتباه وأخرى للضحك والترفيه وبالنهاية الهدف التسويق وبيع ما أمكن حسب ماذكر لنا بعض الباعة إما في الأسواق وإما الجوالين ، ولعل الفواكه والخضار من أهم السلع الأكثر حظاً في الدلع والدلال، ومن أهم النداءات التي باتت مألوفة لدى الجميع يرددها الصغار والكبار وأصبحت كلماتها مرتبطة بالفاكهة والخضار بشكل تلقائي نذكر على سبيل المثال لا الحصر “ع العلام وع السكين ياجبس، بهار وملح يابطاطا، أصابيع الببو ياخيار، ريانة يابندورة حامضة يابندورة،
ياحيف ع اللحمة يافول، عنا عنب وعنا تين وعنا جبس عالسكين، وصفك الطبيب ياكريفون كل حز إبرة، طاب أكلو يا حلاتو، كرابيج بعسل ياتين، قرص العسل يابطيخ، ع الملوخية ياموان، حرير يايبرق، بقلاوة ياموز، عوده سكر هالتفاح، عنب العنايب أكل الحبايب، ملبس ياعنب، نعناع الورد، ياعصارة ياجزر، يافاوي يابرتقان، بليلة بلبلوكي وسبع جمال حملوكي، سبحان الخلاق يادراق، خوابي عسل يابطيخ، كول الجبس وانظر على خدودك وكول بطيخ وانظر على زنودك، الخس وزة والعض خيار، فستق ياخيار، مال الشهبا يافستق، حدة نار يابيبار ياريتا حلوة، كول وقشر وإذا ماعجبك دشر، بشو اتذكرك ياسفرجل بكل عضة غصة، ريحاوي يا كرز، مربى يافريز، قربت أيامو وماشبعنا منو عنب العنايب “.


نداءات الباعة في التراث الشعبي الحلبي
تعد النداءات باباً ساحراً من أبواب المأثورات الشعبية والتأريخ الشفوي، ولمزيد من الاطلاع التقت” الجماهير” الباحث في التراث الشعبي الحلبي الدكتور محمد حسن عبد المحسن وحدثنا قائلا :
يعد نداء الباعة جزءاً من التراث اللامادي الحلبي وفناً قولياً ورثه الباعة من آبائهم وأجدادهم، ويمتاز غالبا بعبارات جميلة متناسقة مفعمة باللحن والإيقاع والطرافة وحلاوة الأسلوب، لجذب المشترين في الأسواق العامة لاسيما المكتظة بالزبائن، ويلحظ في صيحات الباعة لعبهم بعواطف الزبون فمايفرح الأولاد يشجع الآباء على الشراء منها “ياصغار لعب بالهوى وطار هالبوشار” “فرّح ولدك بفرنك”
كما يحرص الباعة على لفت أنظار المشترين لجودة بضائعهم فيربطونها بأماكن مشهورة بإنتاجها “حلبي يافستق، رمان الباسوطة، تادفي يابانجان، هبر ودهن يامال تادف، على مال النيرب ياخيار، يامال الشام ياعوجة، ريحاوي ياكرز “.
أو يمدحون بضائعهم لتمييزها عن سواها مثل نداء بائع التمر الهندي “ياتمر هندي… أطيب مشروب عندي” وبائع التوت “طاب أكل الحلاوة طاب، ياحلاتو ياملبس، أطيب من المأمونية ياحلاتو “. أيضا لباقي الخضار والفواكه منها” حرير يافاولة وهي الفاصولياء، كرابيج رب العالمين ياتين، يابقلة طراوات أكل الآغاوات، سمرا يابنت العرب، بنت البادية ياكماية “.
وقد ينادون بعبارات تصلح لبيع الأشياء كلها منها “حق هالشيلة يابو العيلة، الفضلة للفضيل، ياجبار الخواطر ياجبار، آكل التازا مابيتآزا، وين اللي مصراتو جلال، يارايح قوله وياجاي دلوه، والرخص بفجل، وع الدواق قرب وجرب عالدواق”.


ولاتخلو نداءاتهم من المداعبات اللفظية الفكهية المضحكة من مثل” إلي بتسأل جوزا أيام البانجان ماعم بعرف إش بدي أطبخ طلاقا حلال”
وفي الذرة قالوا “بليلة بلبلوكي وبالمية السخنة حطوكي ولعنوا أمك على أبوكي” وللشوندر “استوى هالشوندر استوى وللسعلة أحسن دوا ولخدودك أحسن غوا”
“تروحي نتف ياملوخية” “نشّح بيتك روح زيتك ياقرنبيط” ” البصل أبو صنة صارلو صيت ورنة” “بتطفي الشوبة ياخيار ومابتخلي ع القلب نار ياخيار “، وقد تطول صيحات الباعة ونداءاتهم لتصل إلى أغنية طويلة وخاصة حين يشتد الزحام حول البائع ويقوى انفعاله بين الفرحة والعمل فيبدأ بالغناء والمناداة بأصوات ونبرات مختلفة في الأداء يخفف عن طريقها تعبه ويعلن فرحته بنفاد بضاعته” ياسلام ع هالدمعة ياسوس
قرب يامشوب بفرنك الكاسة ياسوس
أطيب من الليمون وبسود العيون ياسوس
أسمر سمارك حلو ياسوس، عيني ع هالدمعة ياسوس.
رقم العدد ١٦١٩٤

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار