صوتها الرومانسي يتحدى الإعاقة … نضال الطفلة الكفيفة حكاية إرادة!.

الجماهير – عتاب ضويحي

سنوات عشر والظلام رفيق دربها، لكن السواد الذي تعيشه أشعل بداخلها ضوءاً من نوع آخر، إحساس موسيقي عالٍ، أذن تطرب لكل جميل، تعشق فيروز وأم كلثوم وصباح فخري، عند الهدوء والغضب تضرب بأداتها التي تأبى التخلي عنها على الأرض لكن بإيقاع موسيقي وكأنه عزف على آلة موسيقية.
نضال محمد قضيب البان، طفلة ولدت كفيفة، وحكايتها مع إعاقتها ليست بالغريبة أو النادرة، ولكنها شاهد على أن الإعاقة ليست بالجسد إنما بالفكر والثقة بإمكانيات.
حكاية نضال كما قال والداها بدأت منذ عشرة أعوام عندما ولدت مع 3 توائم معها وكانت حاملة لخمسة توائم اثنان لم يكملوا المشوار في الشهر الرابع وثلاثة ولدوا بداية السابع وتكتب الحياة لنضال وتوءمها أحمد فقط.
نضال لم تخط خطوة واحدة، وبعد الفحص والمعاينة تبين أنها كفيفة ولديها ضمور بالدماغ،
كبرت نضال ومشكلتها كبرت معها، لكن كانت تحب أن تثبت وجودها، تقضي وقتها بسماع الأغاني تدندن وحدها، وتدق بآلتها الخاصة “لعبة بلاستيكية” على الأرض بإيقاع، سريعة الحفظ، إضافة لكونها اجتماعية تحب الجلوس مع الآخرين، تتعرف إلى الشخص بملامسة يده أو وجهه، فبمجرد لمس يده تعرف من هو وما اسمه إن صادفته مرة أخرى.
تكرر على نفسها وعلى الآخرين جملة “أنا صوتي حلو”، تحب نضال الاعتماد على ذاتها، تنزل درج بيتها في الطابق الخامس وحدها عندما تذهب لمركز الدعم النفسي والتأهيل ، تضع حاجاتها الخاصة وحقيبة المدرسة في المكان المخصص لها، تستدل على غرف المنزل ببصيرتها دون الحاجة للمساعدة.
اكتشاف نقطة القوة عند نضال وخطة العلاج
الدكتور عبد الله شحنة الحاصل على دكتوراه في الموسيقا العلاجية في وصفه حالة نضال قال :خلال تواجد نضال بالمركز لاحظت في البداية بعض السلوك العدواني غير المقصود تجاه أصدقائها،والسبب يكمن بشيء داخلها لم يستطع أحد أن يفهمه أو يكتشفه.
المعلمات في المركز لاحظن أن نضال أغلب وقتها تدندن، ومن هنا بدأ العلاج النفسي والسلوكي لنضال.

إذ ركزت على نقطة القوة لديها وعملت على تقويتها للقضاء على الجانب السلبي.
وبعد جلسة تعارف وتقرب معها لتعتاد على وجودي، بدأت أعزف على آلة العود فما كان منها إلا أن وضعت يدها على العود، وعندما سألتها هل تحبين الغناء، أجابتني بكل فرح” نعم “، ثم بدأت التواصل مع الأهل وطلبت من الأم أن تسمع نضال الأغاني لتحفظها، دربتها على النغمات الشرقية الأصيلة، وفي رصيدها 15 أغنية تحفظها عن ظهر قلب.
نضال كما يراها الدكتور شحنة تمتلك حسا غنائيا عاليا جداً، واحساسها يعجز عنه الكبار، وهو ما أثبتته في أول ظهور لها على مسرح ثقافي العزيزية، عندما ألقيت محاضرة حول العلاج بالموسيقا لذوي الاحتياجات الخاصة، فالعلاج المتبع مع نضال حقق هدفين الأول اكتشاف الموهبة وتنميتها، والثاني تعديل سلوكها الذي غلب عليه العداوة والخجل.
أتمنى والكلام للدكتور شحنة أن يصل صوت نضال لمن يتبناه، وتظهر في المناسبات والفعاليات العامة، لأن ما بداخلها يريد الظهور وترى نفسها ملكة على المسرح عندما تغني، وأتوقع مستقبلاً مميزاً لها في مجال الغناء الرومانسي.
في شهرهم بحاجة لمن يدعمهم بما أن العالم يحتفل في الثالث من شهر كانون الأول “بيوم المعاق ” فنضال حالها يشبه حال الكثيرين ممن في وضعها ، بحاجة لجمعية ما ترعاهم، والد نضال تقدم إلى أكثر من جمعية في حلب لسنا بصدد ذكر الأسماء وجميعها رفضت حالة نضال.
وفي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الجميع ولاسيما أن والد نضال عاطل عن العمل واضطر لبيع منزله ليستكمل علاج ابنته، وجميع مصاريفها على نفقة أهل الخير، وحاجتها للدواء خاصة وأن معها شحنات كهرباء في الدماغ يومية ، تستوجب أن تكون هناك جمعية أو جهات خاصة لرعاية هذه الفئة المهمشة من المجتمع.
رقم العدد ١٦٢٤٥

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار