الجدران ٠٠٠٠ مدونات حلبية ٠٠٠ضحية اللامبالاة المجتمعية متخصصون : الشخبطات أسلوب للتفريغ الانفعالي ٠٠ والكتابة على الجدران نتيجة إهمال الأهل للطفل ٠

 

الجماهير – أسماء خيرو

أرقام هواتف وخطوط متعرجة مختلفة الأحجام والألوان ، وملصقات إعلانية ، ومفردات مفهومة وغير مفهومة، وحروف مبعثرة هنا وهناك وشخبطات تمثل أشكالا لاتمت للشكل الاعتيادي بأي صلة، ورسوم تخبرك بأن فلانا مر من هنا ، كل هذا يمكنك أن تلحظه خلال تجوالك في شوارع مدينة حلب ، فماعليك إلا أن تتنقل بنظرك من جدار إلى جدار وكأنك تتنقل بين صفحات كتاب ما ،ولكنك اليوم ستقلب صفحات الجدار الذي بات مدونة المواطن في مدينة حلب ، وكأن الجدار صنع ليدون عليه الخربشات الفوضوية والعشوائية أو تخط عليه عبارات تشوه المنظر العام. فالجدران بالنسبة لهذا المواطن لا تشكل جزءاً من المدينة التي يعيش فيها لذلك هو وغيره من بعض عديمي المسؤولية مخولون بتشويه المنظر العام وكأن ليس من واجبهم كأفراد ينتمون لمجتمع الحفاظ على جمالية المكان بأن يبقي الجدار نظيفا خالياً من أية خربشات وشخبطات٠
ولتلك الخربشات الفوضوية حكايات عند المواطن الحلبي آثرت الجماهير أن تطلع القارئ عليها ..
على مايبدو في حارة من الحارات خطرت على بال أحدهم فجأة وهو يتمشى مع خطيبته الذي من المؤكد أنه كان يعزف لها على أوتار العشق معبراً عن حبه فارتأى في تلك اللحظة أن يوثق حكايته بكتابة لقبه ولقبها على جدار البناء فشخبط ” أبو الرام “وأم الرور” كتب وشخبط وشوه الحائط وكأنه يرسم لوحة لأحد مشاهير الفن أو يوثق سيرة ذاتية لأحد أبطال وشعراء التاريخ ٠


وطالب غير مهتم بمن حوله يكتب على أحد الجدران سألته الجماهير، لماذا تكتب وتخربش على الجدار؟ فأجاب بعلامة استفهام؟ وأخرى تعجب! كبيرتين رسمتا على وجهه “لاتعليق” وكأننا طرحنا سؤالاً بلغة أجنبية وأن السؤال هذا يجب ألايطرح فالشخبطة فن يجب أن يتقنه المواطن ليخبرك بغياب الوعي والمسؤولية دون أن يتكلم ٠
أما حلا الزهرة بعمر السابعة قالت : الخربشة على الجدار هي من باب التسلية والمرح وتمضية أوقات الفراغ مع صديقاتها لاأكثر فهي تتخيل أنها مدرسة وتمارس مواهبها التدريسية على الجدار ٠
وفي السياق ذاته أشارت السيدة مها القاطنة في بناء بجانب” بئر ماء ” الى أن البئر “الحاووظ ” أيضا لم يسلم من أعمال المواطن الإبداعية وخربشاته المبتكرة وأنها استخدمت جميع أنواع التنظيف لإزالة اللوحة الإعلانية التي خطها مواطن غير مبال باللون الأحمر في مدخل البناء وكانت كلها غير مجدية في إزالة الذي كتبه ذلك المواطن المجهول ٠
وبسؤالنا لأحد مرشدي التربية الاجتماعية عن سبب هذه الظاهرة بين رجب قرمو أن الخربشة على الحائط تعد إحدى طرق التنفيس عما بداخل الإنسان وخاصة الطفل الذي لايحظى بالاهتمام من قبل الوالدين فهو يعبر عما بداخله من فوضى وإهمال عبر كتابة رموز وحروف ليس لها معنى على الجدران ، مضيفاً ولكن هذا لايعني أن ندون مابداخلنا على الجدران فمن المؤكد أن هناك طرقا بديلة نستطيع من خلالها أن نعبر عمايعترينا من أحاسيس وفوضى داخلية ٠


ومن جهتها المرشدة النفسية رنا جابي تقول إن الكتابة على الجدران هي أسلوب للتفريغ الانفعالي ويسمى الكتابة الحرة أي إسقاط المشاعر على الورق وبما أن الطفل ليس هناك من يعيره بعض من الاهتمام ويجعله يفرغ مابه من شحنات انفعالية على الورق ، لذلك يلجأ للكتابة على الجدران حتى يخرج مابداخله من أحاسيس وانفعالات مكبوتة ، وتضيف بأن الكتابة الحرة عند بعض المختصين تعتبر إحدى الطرق لمعالجة السلوك، ولكن مانراه اليوم من خربشات على الحائط وخاصة من أناس راشدين يعد تصرفا غير مسؤول ٠
ومما سبق يمكن القول إن الحديث يفضي إلى نتيجة واحدة وهي أن هذه النماذج التي نراها في الواقع وغيرها إنما هي إشارة وانعكاس لإهمال البعض وعدم المسؤولية وغياب الوعي من البعض الآخر بضرورة الحفاظ على جمالية المنظر العام سواء كان في البناء أو في الشارع والسؤال الذي يثير فضولك لطرحه بعد رؤية هذه النماذج غير المبالية … هل مازال المواطن بحاجة إلى من يوقظ وعيه النائم في الأعماق بضرورة الحفاظ على نظافة وجمالية المكان كونه جزءا من هذا المجتمع ؟
وبالنظر إلى الواقع على ماأعتقد سيظل هذا السؤال دون إجابة وسيبقى الجدار ضحية الإهمال واللامبالاة المجتمعية ..


رقم العدد 16290

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار