الجماهير / سميه حميدوش
يتزايد الاهتمام في وقتنا الحاضر بتعليم الكتابة للصغار في رياض الأطفال وغيرها من المؤسسات التربوية المعنية بتعليم الكتابة للطفل في مرحلة ما قبل المدرسة “الروضة” ودائماً يكون الأهل في تلهف مستمر لتعليم أطفالهم الكتابة في تلك المرحلة يستخدمون فيها مختلف الأدوات والوسائل من أجل إثارة وتحفيز أطفالهم على كتابة أسمائهم أو أسماء أخوتهم أو كتابة بعض الحروف بلغات مختلفة.
وأثبت العديد من المختصين التربويين أن الأطفال الذين يرغمون على تعلم الكتابة قبل أن يكتسبوا بعض مهارات ما قبل الكتابة عن طريق أنشطة “صور_ مكعبات” يجدون صعوبة في أداء الكتابة وينفرون بسبب ما يعانونه من إحباط ويكتسبون عادات غير جيدة أثناء كتابتهم.
وأوضح الدكتور محمد قاسم عبدالله أستاذ الصحة النفسية وعلم النفس السريري في كلية التربية ومدير مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية في جامعة حلب لـ “الجماهير” أن مرحلة ما قبل المدرسة (الحضانة ورياض الأطفال) من أهم مراحل النمو لدى الطفل بسبب النمو السريع في جميع مظاهره جسمياً وعقلياً وانفعالياً وحسياً حركياً واجتماعياً، ومن جهة أخرى تتحدد خلالها شخصية الفرد وتتشكل، مبيناً أن التربية لها أهمية ويجب أن تٌركز على اكتساب المهارات الحسية والحركية والعناية بالذات واللعب والنشاط الاجتماعي وتعلم المسؤولية والتنظيم من خلالها، بينما تتبادل جوانب النمو التأثير فيما بينها، مشيراً إلى أن تنمية مثل هذه المهارات تساعد في نمو شخصية الطفل لغوياً وعقلياً واجتماعياً حيث تتشكل لديه من خلالها مفاهيم الحجم والوزن والكتلة والوقت والمكان والأبعاد والقرب والبعد والمسافة، وأن هذه المفاهيم ذات تأثير مهم في نمو الطفل وتكيفه الاجتماعي.
وأضاف الدكتور عبد الله أن أساليب التربية والمعاملة الوالدية تلعب دوراً مهماً في نمو شخصية الطفل، وأن أساليب التربية والمعاملة السيئة من قسر وقسوة وتسلط بالإضافة إلى أن الإهمال والتجاهل تنمي لديه سلوكيات غير سوية وقد تظهر مشكلات سلوكية، بحيث لا يجوز إرغام الطفل على القيام بأعمال أو مهمات لا يميل لها، فالميول تتشكل من خلال تفاعله مع بيئته وتصبح دافعاً لديه للتعلم.
مؤكدا أهمية هذه المرحلة في تعلم المهارات الحسية والحركية والمهارات الاجتماعية وليس للمهارات الأكاديمية ولا يعني هذا عدم البدء بتعلمه الكتابة والأرقام والعد والقراءة، مبيناً أنه يجب على الطفل تعلمها من خلال الأنشطة والمهارات واللعب الموجه، إذ تعتبر الكتابة تجسيدا سلوكيا حركيا للتفكير والأفكار ويفترض أن تتوازى سرعة التفكير والأفكار مع سرعة اليد وحركتها ومرونتها وحين تختل عملية التوازن هذه ستؤدي إلى بعض اضطرابات المعرفة والتفكير أو خلل كتابي يدعى صعوبات الكتابة أو العجز الكتابي أو العجز القرائي.
وعن صعوبات التعلم بيّن الدكتور عبد الله أنها تعود لعوامل تربوية بيئية أو لعوامل انفعالية، حيث يعاني هؤلاء الأطفال من مشكلات انفعالية وسلوكية تترافق مع صعوبات التعلم، وتكمن الحلول بتقديم برامج تربوية خاصة لهم لمعالجة هذه المشكلة التي تدعى “صعوبات تعلم أكاديمية” وذلك وفق برامج تعديل السلوك، كما يتم تطبيق برامج إرشاد نفسي متعدد الاتجاهات وتركز محتوى هذه البرامج على تنمية الإدراك والانتباه والتفكير والذاكرة باعتبارها الوظائف النفسية الأساسية التي تقف خلفها.
رقم العدد ١٦٣٠٠