ثماني سنوات على مجزرة خان شيخون الكيماوية: الضحايا بين النسيان الدولي وإصرار السوريين على تحقيق العدالة  

الجماهير || الجماهير…

لم تكن ذاكرة الدماء التي سالت في خان شيخون السورية لتغيب عن وجدان أهالي البلدة، رغم مرور ثماني سنوات على واحدة من أبشع المجازر التي شهدتها الحرب السورية. في الرابع من نيسان/أبريل 2017، تحوّل صباح البلدة الهادئ إلى جحيم مفتوح، بعدما قصفت طائرات تتبع لنظام الأسد المنطقة بغاز السارين الكيماوي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 90 مدنياً بينهم عشرات الأطفال والنساء، وإصابة ما يزيد عن 500 آخرين بأعراض الاختناق والتسمم التي لا تزال آثارها جاثمة على الناجين حتى اليوم.

وبينما يحلّ الذكرى الثامنة للمجزرة، يعيد السوريون التذكير بـ”جريمة لم تُحاسب”، وفقاً لتعبير الناشطين المحليين، إذ أكدت تقارير دولية، بما فيها تقرير آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)، مسؤولية نظام الأسد عن الهجوم. لكن التقارير نفسها تحوّلت إلى حبر على ورق في أروقة مجلس الأمن، دون أن تترجم إلى خطوات فعلية لمحاسبة النظام، ما يطرح تساؤلاتٍ حول جدية الضغوط الدولية لتحقيق العدالة.

ضحايا بلا عدالة:

“العالم تناسى شهقات أطفالنا وهم يختنقون، لكننا نحمل ذاكرتهم كشعلة لا تنطفئ”، يقول أبو محمد، أحد الناجين من الهجوم، الذي فقد ثلاثة من أفراد عائلته. مثل أبو محمد، لا يزال عشرات الناجين يعانون من أمراضٍ تنفسية وعصبية مزمنة، بينما ترفع عائلات الضحايا شعاراً واحداً: “الجريمة لا تُنسى، والعدالة لا تُسقطها السنون”.

مسؤولية دولية غائبة:

رغم الإدانة الواضحة في تقارير المنظمات الدولية، لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل جاد لملاحقة نظام الأسد قضائياً، سواء عبر محكمة الجنايات الدولية أو آليات المساءلة الأخرى، بسبب الفيتو الروسي المتكرر في مجلس الأمن. هذا الصمت يغذّي مخاوف السوريين من إفلات المجرمين من العقاب، خاصة مع استمرار النظام في إنكار استخدام الأسلحة الكيماوية، متجاهلاً أدلةً وصفها مراقبون بـ”الساحقة”.

العدالة الانتقالية: طريق السلام الوحيد:

تشدد منظمات حقوقية سورية ودولية على أن تحقيق السلام في سوريا مرهون بمحاسبة الأسد على جرائمه، بما فيها مجزرة خان شيخون، التي تُعدّ وفق القانون الدولي “جريمة ضد الإنسانية” لا تسقط بالتقادم. وتؤكد هدى الخير، الناشطة في مركز “العدالة من أجل سوريا”، أن “العدالة الانتقالية ليست ترفاً، بل ضمانة لعدم تكرار المأساة، ولتعويض الضحايا معنوياً وقضائياً”.

خان شيخون، التي تحوّلت ذكراها إلى رمزٍ للمعاناة السورية، تظل جرحاً نازفاً في ضمير العالم، وشاهداً على صراعٍ بين النسيان والإصرار على الحق. وكما يقول أبناؤها: “الموت ربما أخذ الأجساد، لكن العدالة ستأتي ذات يوم… حتى لو تأخرت”.

 

#صحيفة_الجماهير

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار