● وفاء شربتجي
يقع سوق الحدادين جانب الجامع الأموي الكبير ، وله ضفة واحدة هي الغربية ، لأن الضفة الشرقية هي الجدار الغربي للجامع الكبير ، وعلى تلك الضفة الغربية يتموضع هذا السوق بتناسق وانسجام ، وينتهي عند عقدة سوق الحبال وسوق الخيش .
سمي بالحدادين لأن المهنة الغالبة عليه هي الحدادة العربية ، كصناعة الفؤوس والأزاميل والمسامير بالإضافة إلى صفائح التنك والبراميل والعلب وسياخ الشوي والمناقل ..
كان هذا السوق قبل ذلك يشتهر بصناعة سروج الخيل ، وكان يدعى حينها بسوق السراجين ، ثم تحول بعد ذلك إلى عدة مهن كبيع الكاصات ، وصب المفاتيح ، والخردة ، والحدادة .
كما أدخلت مهن بيع الأقمشة ، والمكسرات النيئة ، والضيافة بأنواعها .
يبلغ عدد المحال ضمن هذا السوق حوالي 34 محلا تجاريا .
وفي عام 2012 تضرر هذا السوق بفعل الإرهابيين وتهدم بنسبة 90% . وبهمة أصحاب المحال التجارية وتضامنهم مع بعضهم ، وعلى نفقتهم الخاصة استطاعوا إعادة ترميم معظم محال هذا السوق وفق شروط المدينة القديمة ، وإشراف مهندسين مشرفين ، يتابعون سير العمل بدقة وحرفية ، لإعادته لألقه من جديد .
هذا ما حدثنا عنه المهندس المشرف تيسير حبيب قائلا :
نحن ننسق مع أصحاب المحال وغرفة تجارة حلب ، وبإشراف مديرية المدينة القديمة ، ومديرية الآثار والمتاحف ،
لإعادة ألق هذا السوق وفق المواصفات والشروط المطلوبة .
وأضاف السيد (أحمد طرقجي ) صاحب أحد المحال التجارية ضمن هذا السوق مستذكرا كيف كان السوق سابقا يضج بالحياة كونه نقطة عبور أساسية إلى عدة أسواق ، آملا عودة الحياة إليه من جديد ، كون ترميم المحال شارف تقريبا على الإنتهاء للبدء بعملية تركيب الأبواب الخارجية ، وفق شروط المدينة القديمة وما تحمله من مواصفات ، آملين من مجلس المدينة ، أو الجهة المعنية ، بترحيل الأنقاض المرمية على الرصيف الملاصق للجامع الكبير ، كي تصبح نقطة العبور ضمن هذا السوق نظيفة .
● المدرسة ( الحلوية )
يوجد داخل سوق الحدادين وأمام الباب الغربي المقابل تماما للجامع الكبير ،المدرسة ( الحلوية ) التي يعود تاريخ البدء في بنائها للعام 544 هجري ، و 1146 ميلادي .
بنيت المدرسة مكان المعبد الوثني ، ويقال بأن هيلانة والدة قسطنطين ، هي من قامت ببناء هذه الكاتدرائية وكانت من اكثر الكنائس قداسة في الشرق الأوسط ، ومع مرور الزمن ، حولها القاضي أبو حسن الخشاب إلى مدرسة للمذهب الحنفي ،
وقام بعدها رجل من أهل الخير يدعى نور الدين محمود بإنشاء مدرسة داخل المسجد ، وأوقف لذلك الأوقاف الكثيرة ، وكان يقدم فيها حلوى القطايف في رمضان من كل عام ، ويقوم بتوزيعها على الطلاب ، وقد كان يوضع القَطر في جرن كبير عند مدخل باب المدرسة ، ومن هنا جاء تسمية تلك المدرسة بالمدرسة الحلوية ، ومن يدخل تلك المدرسة يجد على يمينه قاعدة ضخمة من الحجر الأسود ، الذي هو جرن المعمودية الأصلي للكنيسة ، وقد نقشت عليه صلبان ، وبعض العبارات السريانية ،
يلي ذلك درج ينحدر بسرعة إلى باحة المدرسة ، التي تتوسطها بركة ماء ، فسحة تلك الباحة مربعة الشكل ، يحيط بها قاعات للدراسة ، كانت تستعمل قديما لتعليم الفقه الحنفي ، والباحة تفضي في وسطها من جهة الغرب إلى مسجد مربع الشكل ، تعلوه قبة ، تحدها ستة أعمدة بيزنطية رخامية .
تتميز المدرسة الحلوية ، بمحرابها الجميل الأخاذ ( المحراب الأيوبي ) الذي يعتبر آية بديعة من الزخرفة العربية ، وهو عبارة عن خشب محفور مع نقوش مرصعة بخشب الأبنوس والعاج والصدف ، وعليه كتابة محفورة بخط مؤرخ حلب إبن العديم ،
وقد قام بتشييد هذا المحراب ، نور الدين الزنكي ، في القرن 12 ميلادي و يقال بأن الشيخ القتيل السهر وردي، حلّ في تلك المدرسة في وقت من الأوقات ، زاهداً .
رقم العدد ١٦٣٠٨