خرط وتشكيل أرجل الموبيليا وقوالب المعمول الخشبية … مهنة قديمة حديثة مستمرة رغم الصعوبات

الجماهير – عتاب ضويحي

على امتداد الحارات الضيقة في حي قسطل الحرامي أحد أحياء حلب القديمة، يقع محل صغير عمره أكثر من 60 عاماً تصنع فيه وتشكل قطع خشبية غاية في الجمال وبحرفية عالية.
ورغم تراجع الكثير من المهن القديمة ومنها “خرط وتشكيل أرجل الموبيليا وقوالب المعمول الخشبية” إلا أن الجيل الثاني ممن تعلموا على أيدي آبائهم من رواد المهنة، لم يتخلوا عن الصنعة ومازالوا يمارسونها.
” الجماهير” التقت محمد بربشت أحد حرفيي مهنة الخراطة وحدثنا عن مهنته التي يزاولها منذ مايقارب الأربعين عاماً قائلاً :أخذت المهنة من والدي رحمه الله، إذ تعلمت كيفية تشكيل أرجل الطاولات والكراسي إضافة للأدوات المنزلية كجرن الثوم والشوابك، قوالب المعمول، الشمعدانات وحامل فناجين القهوة.
وعن آلية التشكيل أوضح بربشت أنه يتم تحويل الخشب للشكل المطلوب، ومن ثم يتم معالجته حتى لا يتشقق، وبعد ذلك يتم حفر الزخرفة المطلوبة عليه يدوياً بالنسبة له، أما باقي الخراطين فيتم الحفر بواسطة الماكينات الخاصة، لتحديد الشكل النهائي للقالب.

وخشب الزان كما بين بربشت من أفضل الأنواع المستعملة لسهولة الحفر عليه، لكن في السابق كان خشب المشمش هو المفضل لكنه حالياً غير متوفر.
وفيما يتعلق بأدوات العمل ذكر بربشت أنها تتنوع بين الكهربائية “المخرطة والمثقب” ويدوية تقليدية “الكرد، إزميل، المنقار، العواقة والشخاطة” ولكل منها دور في كل مرحلة من مراحل العمل لتعطي الشكل النهائي للقطعة،
وأكد بربشت أن معظم زبائنه من محلات وربات بيوت يفضلون اقتناء قوالب المعمول الخشبية، رغم توافر البدائل من الستانلس والبلاستيك، لدقة العمل وبروز النقشة، وربما حسب قوله لارتباطهم بماضيهم وتراثهم.
وحول صعوبة العمل قال بربشت :الحفر على الخشب كمهنة تتسم بالصعوبة، وتتطلب مهارة وهواية، وتحتاج إلى نظرة فنية وخبرة ومعرفة في النحت، خاصة وأن الأشكال بالنسبة لقوالب المعمول تختلف فعلى سبيل المثال القوالب الخاصة بمعمول التمر “العجوة” تتعدد أشكالها وأحجامها،على عكس قوالب معمول الفستق والجوز “الكرابيج” التي يرغبها زبائنها بالشكل المعروف لكن يختلف الحجم، وبات الحجم الصغير أكثر طلباً حالياً.

ومن المعوقات أيضا انقطاع الكهرباء ما يؤخر الإنتاج فبدلاً من إنتاج 100 قطعة يومياً، لا ننتج أكثر من 10 قطع فقط، يضاف إلى ذلك غلاء سعر المادة الخام “الخشب” إذ وصل سعر متر خشب الزان إلى مليون و300 ألف، مايعني غلاء سعر القطعة والذي لا يغطي سعر التكلفة بالأصل.
وبقي أن نقول :إن المهن التقليدية الشعبية جزء من موروثنا من الواجب الحفاظ عليها وتقديم كل مايساعد على استمرارها وإنقاذها من النسيان والهجر.
رقم العدد 16312

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار